IMLebanon

“نسائم” قمّة مارونية… من شرفة الديمان

 

 

يعمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على تقريب وجهات النظر والدفع باتجاه توحيد الرؤية الداخليّة.

 

تعلم البطريركيّة المارونيّة أن الوضع الذي وصلت إليه الساحة المسيحيّة والوطنيّة ليس جيّداً خصوصاً مع ارتفاع منسوب الخلاف والذي ظهر جلياً خلال أحداث الجبل الأخيرة.

 

وفي المقرّ الصيفي للبطريركيّة في الديمان، يستضيف الراعي الشخصيات التي يأتي قسم منها للترحيب به في الشمال، والقسم الآخر لدرس الملفات الوطنيّة والمسيحيّة على حدّ سواء.

 

وشكّل يوم أمس مناسبة لعرض تلك الملفات خصوصاً أن الضيف كان رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل الذي يثير الجدل و”المشاكل” في كل صولاته وجولاته وأينما حلّ، وبات لديه من الخصوم أكثر بكثير مما لديه من الأصدقاء والحلفاء.

 

مواضيع كثيرة كانت حاضرة في اللقاء الذي عقد على شرفة الصرح، منها ما يتعلّق بالشأن المسيحي والآخر يتعلّق بالشأن الوطني، علماً أن اللقاء حصل بناءً على موعد طلبه الوزير باسيل من البطريرك.

 

وحضر موضوع توحيد الجهود المسيحية بقوّة على طاولة البحث، وقد تناول الراعي في حديثه الخلاف الحاصل بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” خصوصاً ما وصلت إليه الأمور بين مناصري الطرفين على وسائل التواصل الإجتماعي، حيث أكّد الراعي مشروعيّة الخلاف السياسي واحترام الإختلافات بين المكونات المسيحية واللبنانية وهذا أمر أساسي في حياتنا الديموقراطيّة وفي العمل السياسي، لكن أن “تفلت” الأمور بهذا الشكل إلكترونياً فهذا أمر غير مقبول.

 

وردّ باسيل على الراعي مؤكداً أن ما يقوله هو عين الصواب، وأنه مع الإختلاف السياسي المشروع لكن ليس مع لغة التخاطب والشتائم التي تحصل، وأكّد أن يده ممدودة لأي مبادرة يقوم بها الراعي من أجل عقد لقاء ينظّم العلاقات بين المكونات السياسية مع الإبقاء على حرية الرأي والإختلاف بغضّ النظر عن المواقف السياسيّة لأي فريق.

 

وفي سياق الجهود المبذولة لتوحيد الساحة المسيحيّة، فإن بكركي تعمل على جبهات عدّة، وتبحث مع “الوطني الحرّ” وبقية المكونات إمكانية عقد لقاء مسيحي موحّد، وهذا اللقاء قد يبدأ بترؤس الراعي إجتماع اللجنة المنبثقة من اللقاء الماروني الذي عُقد في بكركي في 16 كانون الثاني الماضي، وربما يكون هذا اللقاء تحضيراً للقاء يضمّ الأقطاب الموارنة إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

 

ولمست بكركي من إجتماع الراعي مع باسيل أن الأخير كان إيجابياً ومنفتحاً على كل الحلول والمبادرات وخصوصاً تقريب وجهات النظر مع “القوات اللبنانية” وإعادة تنظيم الخلاف السائد على الساحة المسيحيّة.

 

ومن جهة أخرى فقد تمّ التطرّق إلى طريقة إدارة الدولة وخصوصاً في ما يتعلّق بالإستحقاقات القريبة ومن ضمنها التعيينات الإداريّة، وحظي باسيل بجرعة دعم في ما يخصّ المطالبة بتطبيق الدستور واحترام المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وأخذ كل ذي حقّ حقّه، واسترجاع الحصّة المسيحيّة ضمن ما يكفله الدستور والقانون من دون التعرّض لحصّة الآخرين. ومعلوم أن بكركي رفعت الصوت ضدّ سياسة الإقصاء والإلغاء، وفي السياق فقدّ شكّل موضوع الجبل ككل، وليس جبل لبنان الجنوبي، محور الحديث بين الراعي وباسيل، خصوصاً في ما يطال وحدته وعدم تقاتل أبنائه، سواء الإنجرار إلى فتنة مسيحيّة – درزيّة أو فتنة مسيحيّة – مسيحيّة، وفي السياق، فقد أكّد باسيل للبطريرك حرصه على الوحدة في الجبل بين المسيحيين، وبين المسيحيين وجميع الطوائف، وأكّد مجدداً أن يده ممدودة للجميع وأنه منفتح على كل المبادرات التي يقوم بها الراعي مهما كان شكلها.

 

وفي حين يتمّ الكلام عن عقوبات اميركيّة ممكن أن تفرض على حلفاء “حزب الله” ومن بينهم “التيار الوطني الحرّ”، أكدت بكركي أن هذا الموضوع غاب بشكل كامل عن لقاء الراعي وباسيل ولم يتمّ التطرّق إليه، حيث ينتظر الجميع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن لوضع المعنيين في أجواء مباحثاته الأميركية.

 

لا شكّ أن موضوع عمل الحكومة ومؤسسات الدولة شكّل أحد أهم نقاط المباحثات، ويصرّ الراعي على تكثيف الحكومة إجتماعاتها من أجل إنقاذ الوضع الإقتصادي، ويبدي دعمه لرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة للقيام بشيء ما للإنقاذ. ويبقى السؤال هل سيتمكّن الراعي من توحيد الرؤية المسيحيّة خصوصاً أن الخلافات بلغت ذروتها ولا مؤشرات الى إمكانية جمع المكونات تحت عنوان واحد، وهل يكون إجتماع الأقطاب الموارنة هو الحلّ لكلّ “المشاكل” على الساحة المسيحيّة؟

 

وبعد لقاء البطريرك الراعي، أكّد باسيل أنه “من الطبيعي زيارة صاحب الغبطة في الديمان وهذه الزيارة تقليدية وسنوية وخصوصاً في هذا الوادي المقدس. أخذنا الحديث الى الدستور وضرورة المحافظة عليه والميثاقية التي نعيش من خلالها ومن خلال ما هو مطروح في المادة 95 من الدستور والتي تشكل الشراكة بين بعضنا والحفاظ على ميثاقنا. وبرعاية غبطته، مقتنعون بتوحيد الجهد وتوحيد الكلمة ونكون أكثر من منفتحين ويدنا ممدودة لنكون جميعاً في الموقف الصحيح في الحفاظ على هذا الميثاق ولا يكون لدينا أي التباس في الموقف الموحد من الأمور الكيانية. ونحن متجاوبون مع أي مبادرة يقوم بها سيدنا البطريرك في هذا المجال لنوحّد الموقف والكلمة لأننا عندما نكون موحدين من الصعب خرقنا ونحافظ على هذا الجبل وعلى هذه الأرض والهوية والثقافة المتنوعة في بلدنا”.