IMLebanon

«الموارنة» في ذكرى القديس مارون… ويل لهم إن اتفقوا… وويل لهم إن اختلفوا؟!

اليوم، التاسع من شباط، عيد شفيع «الطائفة المارونية، القديس – الناسك، مار يوحنا مارون، الذي طبع تاريخه، ولايزال بكم هائل من الأسئلة حول «الهوية» ومدلولاتها، و«الدور» ومعانيه، و«المستقبل» وآفاقه، بعيداً عن «المسلمات» و«الاوهام» و«الأساطير» و«القيم» و«التصورات» و«الخلفيات والضوابط»؟!.

من أسف ان تمر هذه الذكرى، والمنطقة العربية، ومن ضمنها لبنان، تعيش مرحلة غير مسبوقة من الصراعات، هي في قسم كبير منها على «الهوية» و«النظام» و«الدور»، انعكست على الواقع اللبناني (الذي يمتاز عن سائر الكيانات، بأن رئيسه «ماروني»… وهو الماروني الوحيد، بل المسيحي الوحيد، يتربع على رأس السلطة التنفيذية في كيان دولة من دول هذه المنطقة…) فبات من دون رئيس للجمهورية لليوم الحادي والستين  بعد المئتين على التوالي، ولا أحد يملك اجابة كافية وافية عن سر هذا الشغور، الذي تمدد، ويهدد سائر المؤسسات بالتفكك والانحلال، على رغم ما تعرّض له هذا الموقع، من انتزاع صلاحيات أخذت منه، في اتفاق الطائف، وأعطيت الى «مجلس الوزراء مجتمعاً…»؟!

في غياب الدولة المدنية، الديموقراطية، التي تقوم على الفصل بين الدين والدولة، الدين والسياسة، كانت هناك مشكلة، رافقت ولادة هذا الكيان… تمثلت في أنه اذا اتفق الموارنة وشكلوا جبهة قامت القيامة في وجوههم، واذا اختلفوا وتوزعوا أحزاباً وقوى سياسية وتيارات حمّلوا مسؤولية ما آلت اليه الأمور… فباتوا كالحجر بين شاقوفين، فويل لهم ان اتفقوا وويل لهم إن اختلفوا؟!

لقد خذل مجلس النواب اللبناني – الذي يقوم على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، على اختلاف توزعاتهم السياسية والمذهبية (خذل) اللبنانيين لنحو ثماني عشرة مرة، بعقدة عدم توافر النصاب لاطاحة الانتخابات الرئاسية، وليس في قناعة أي أحد، ما يؤشر من قريب او من بعيد، الى ان رقم ال18، سيكون نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة… بل على العكس من ذلك تماماً، فإن المؤشرات تدل على ان لا أفق محدداً لانجاز الاستحقاق، وربما تجاوز العشرين، او الثلاثين… والافرقاء المعنيون، كل يرمي المسؤولية علىالآخر، ويتفقون على تحميل «الخارج» مسؤولية أساسية في عدم انجاز انتخاب رئيس، بانتظار تطورات ما، تدور على ملعب العلاقات الاميركية – الاوروبية – الايرانية – السعودية…؟!. وذلك على رغم ان «الخارج» هذا، غالباً ما أطل على اللبنانيين، ناصحاً بوجوب «لبننة» هذا الاستحقاق، وعدم الاتكال على «المجتمع الدولي» المنشغل بقضايا تفوق بأهميتها أهمية الاستحقاق الرئاسي في لبنان؟!

ما يزيد الطين بلّة، ان الافرقاء السياسيين – من غير المسيحيين – وعلى اختلاف توزعاتهم، لا يترددون في تحميل «الافرقاء المسيحيين» كافة، مسؤولية الانكفاء عن اداء دورهم الرئيسي، ويأخذون عليهم «تلهيهم»، بأمور ثانوية (من مثل الحوض الرابع في مرفأ بيروت»، وسدّ جنة في منطقة جبيل،ومكبات النفايات)، وهي أمور، على أهميتها الدقيقة والخدماتية، لا ترقى الى مستوى الاستحقاق الرئاسي، وما يمثل…

الواضح، ان الجميع، بمن فيهم البطريركية المارونية، باتوا على قناعة بوجوب الانتظار… فالأهم في أجندة الذين يرسمون القرارات الدولية والاقليمية، «يأتي قبل المهم»… وان كانت فرنسا خرجت عن السياق، ودعت الافرقاء اللبنانيين، الى التحرر من القبضة الدولية والاقليمية والعمل على «لبننة الاستحقاق الرئاسي»، أيا كانت التكاليف، فوجود الرئيس، يبقى ألف مرة أفضل، وأضمن من غيابه… لكن ومن أسف أيضاً، فإن غالبية الافرقاء الساحقة، يتصرفون على أساس ان الرئاسة في لبنان باتت أسيرة القرارات الدولية – الاقليمية – العربية التي تتخبط في مهب المصالح او تتأرجح في بورصة المفاوضات النووية بين مجموعة ال5+1 وايران؟! على ما تقول «مصادر تابعت زيارة المسؤول الفرنسي جان فرنسوا جيرو الى لبنان الاسبوع الماضي، وعاد الى بلاده فارغ اليدين…».

الافرقاء المسيحيون وتحديداً «المارونيون» منهم، منشغلون بأزماتهم الداخلية، وهم منقسمون بين مؤيد للقاء والتوافق بين «التيار الحر»، و«القوات اللبنانية»… والافرقاء الآخرون، يبنون على هذا الواقع، مقولتهم «ليتفق المسيحيون ونحن وراءهم في ما يتفقون عليه…» ولسان حالهم يقول: «نجوم السماء أقرب»؟!…

صحيح أنه من الخطأ الاستخفاف بالحوارات الجارية، بين «المستقبل» و«حزب الله»، وبين «التيار الحر» و«القوات»، فهي في نظر كثيرين، بالغة الأهمية، ومطلوبة بالحاح، بالنظر الى ما تركته من انعكاسات ايجابية وساعدت على تخفيف الاحتقانات من الشارع، إلا أنه في المقابل، من الخطأ تحميل هذه الحوارات ما لا تحتمل، او أكثر مما تحتمل، على ما قال (الوزير السابق) فارس بويز، الذي يرى ان هذه الحوارات «اذا اقترنت بظروف اقليمية ودولية تنضج الحلول الداخلية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية…»؟! التي باتت تشكل بالنسبة الى الصرح البطريركي، هاجساً ملازماً لتحركات سيد الصرح البطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي كثف من صلواته وأدعيته، متسائلاً نحن سر هذا «الاستهتار» وعن سر «التمادي في الاستغناء» عن دور رئيس الجمهورية… ولا يجد جواباً سوى الدعوة الىالصلاة «بإيمان كبير ورجاء ثابت، لكي يرسل لنا الله اليوم قبل الغد رئيساً… يكون هو أبو الوطن والأمة بكل معنى الكلمة…»؟!