IMLebanon

الموارنة في حِداد… عيد مار مارون بلا رئيس

تحلّ ذكرى عيد مار مارون هذا العام، في ظلّ حدادٍ يعيشه موارنة لبنان إزاءَ الغياب الفاضح لرأس الدولة عموماً ورأس الطائفة المسيحية والمارونية تحديداً. فهل أصبح سيرُ الجمهورية من دون رئيس بمثابة عادة يمكن التعايش معها، بعد أشهرٍ من المحاولات العقيمة على المستويَين الداخلي والخارجي، لانتخابه؟

«عيدٌ بأيّ حالٍ عدتَ يا عيد!» هذا هو حال الموارنة في عيد شفيع الطائفة المارونية وكنيستها، بعد مرور أكثر من مئتين وواحد وستين يوماً على استمرار التجاهل المأسوي للإستحقاق الرئاسي من المعنيين به، ما يضع الوجود المسيحي في دائرة الخطر والتهديد، فيما لو اعتاد اللبنانيون قبل غيرهم، على مشهد الكرسي الفارغ في قصر بعبدا، وكأنهم يستطيعون الاستغناء عن رئيس الجمهورية.

إلّا أنّ هذه السابقة ليست الأولى التي تُسجَّل في تاريخ الجمهورية الثانية وحقبة ما بعد الطائف. ففي العام 2008، شغر موقع الرئاسة حوالى 6 أشهر بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق العماد اميل لحود، وقبل انتخاب الرئيس العماد ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة.

واليومَ بات المسيحيون في موقع المسؤولية الوطنية أمام اللبنانيين والعالم، خصوصاً أنّ العقدة مسيحية مئة بالمئة كما يقول شركاؤهم في الوطن. وفي هذا المجال، يرفض الباحث الأستاذ أنطوان نجم ربطَ الفراغ الرئاسي بحلول عيد القديس مارون، على اعتبار أنّ مسؤولية عرقلة الانتخابات الرئاسية تقع على الموارنة أولاً، وعلى رأسهم النائب ميشال عون.

فالمسيحيون أنفسهم، وعلى رغم كلّ محاولات الإلتقاء، لم يتقاطعوا بعد على فكرة أنهم أسياد القرار، وأنهم إذا أرادوا وتعاضدوا وتكاتفوا، قادرون على الإتفاق على إنهاء الشغور، لا رمي طابة التخلّف عن إتمام الإستحقاق في ملعب الآخرين، ما يتركه معطّلاً حتى إشعارٍ آخر.

وفي وقتٍ ترتفع أصواتٌ كثيرة للمطالبة باستعجال انتخاب رئيس للجمهوريّة، من دون أن نلمس تحرّكات ضاغطة بهذا الاتجاه، يدعو عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب فريد الخازن اللبنانيين الى أن «يتفاهموا فيما بينهم للوصول الى قناعة بأنّ الحلّ بيدهم، انطلاقاً من أهمية وحتميّة أن يكون للمسيحيّين والموارنة تحديداً، موقعٌ ودورٌ في السلطة كغيرهم من شركائهم في الوطن، لأنهم ما زالوا قادرين على إنقاذ الاستحقاق، ومعه إنقاذ الجمهورية اللبنانية.

فانتخاب رئيس الجمهورية يُشكّل عملياً مناسبة لاستعادة التوازنات المفقودة، لأنّ الفريق الوحيد الذي استُهدف واستُبعد من المشاركة بالقرار في المرحلة التي تمتدّ من التسعينات حتى العام 2008، هو الطرف المسيحي الممثّل بالطائفة المارونية».

وفي هذا الاطار، لا يختلف المسيحيون على مبدأ أنّ استعادة التوازنات واسترجاع الموقع والدور المسيحي يتمّ بدايةً عبر رئاسة الجمهورية، بل هناك توافقٌ مسيحي على هذا الهدف، فيما تقتصر نقطةُ الاختلاف على شخصِ الرئيس.

فالصراعُ الدائرُ بين كلٍّ من عون وجعجع وتسابقهما على تبوّء سدة الرئاسة الأولى، يضعهما في خانة الاتهام بتعطيل الاستحقاق، وهنا يسأل الخازن عمّا اذا كان هناك مِن بديلٍ يحفظ الموقعَ والدورَ المسيحي، خصوصاً في ظلّ ما يُطرح اليوم عن انتخاب أيّ رئيس لا تمثيل أو حيثية أو دور له.

إذ يبدو أنّ الفريق الذي لطالما كان في السلطة في كلّ المراحل السابقة، لا يزال يراهن على رئيسٍ لا لون ولا طعم ولا رائحة له، حتى يبقى المسيحيون يعيشون في الدوّامة نفسها.

وإذ لم يبدِ الخازن تفاؤلاً بقرب إنجاز الإستحقاق الرئاسي قائلاً: «حتى اللحظة ليس هناك أيّ أمرٍ واضح يدعونا الى أن نرى حلاً قد نصل اليه قريباً»، أعرب عن «أمله في أن تصل الحوارات القائمة على أكثر من مستوى الى النتيجة المرجوّة».

إذاً، رئيسُ الجمهورية الذي لطالما كان يتقدّم الحضور في القداس السنوي التقليدي لعيد القديس مارون، لن يحضر هذا العام، لينوبَ عنه وببساطة، الفراغ! فهل يصحو المسيحيون من غيبوبتهم فتكون هذه الذكرى إنطلاقةً جديدة لهم تعيد إليهم حضورهم وهيبتهم في السلطة؟