تكاليف الأعراس أصبحت أضعافاً مضاعف
إبتسم أنت في لبنان؛ بلد الإحتفالات المستمرة التي لا تنتهي. فبعدما كان اللبناني يحتفل مرة واحدة في حياته؛ بزواجه، أو خطوبته، أو نجاحه، أصبح الآن في حالة احتفال دائم كلما استطاع تعبئة خزان سيارته بالوقود، أو تعبئة جرة الغاز أو مازوت المولد.
فحالات الفرح الهزلي كثيرة بالنسبة إليه لكنّ الفرحة الحقيقية، أي فرحة الزواج هي الأقل في هذه الأيام والظروف الصعبة، بعدما باتت تكاليفه في هذه الأيام امراً آخر، مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وارتفاع أسعار كل السلع والمواد.
فالأعراس والحفلات تراجعت إلى حد بعيد، بعدما زادت التكاليف على عاتق الشباب الراغبين في الزواج على نحو كبير ومضاعف أضعافًا عدة، الأمر الذي جعل كثيرين منهم يعدلون عن الزواج أو الإرتباط إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، فتتغير الأمور وتستقر الأوضاع وتتحسن المعاشات، أو أن يجد أغلبية الشباب فرص عمل، خصوصاً وأن عقولهم اليوم مخطوفة باتجاه السفارات والبحث عن فيزا عمل أو هجرة إلى دول الخارج، وليس إلى أي شيء آخر.
والمعلوم أن الإرتباط بحاجة إلى تحضيرات تبدأ من فترة الخطوبة. فعلى العروس أن تقوم بتجهيز نفسها بالملابس وعدّة البيت وغيرها، وهذه المصاريف تقع على عاتقها وعاتق أهلها. بينما على العريس تأمين المنزل وفرشه وكسوته، بالإضافة إلى تكاليف حفلة العرس في الصالات وغيرها وكذلك تكاليف إجراءات تثبيت الزواج لدى المحكمة الشرعية وغيرها العديد من التكاليف التي تأتي من هنا وهناك ولا يُحسب لها حساب. كل تلك التحديات راحت تعقّد الأمور وتصعّبها أمام الراغبين بالزواج والإرتباط؛ فتراجعت الأعراس والحفلات وتأثّر بذلك قطاع صالات الأفراح الذي بدوره يشغّل مهناً عدة كباعة الكاتو أو فرق الزفة وغيرها.
ويؤكد صاحب صالة شهرزاد للأفراح في المنية فوزي الخير لـ “نداء الوطن” أن “كل شيء تغيّر في لبنان بخصوص الأسعار، وكقطاع تأثّرنا بشكل كبير، فقد تراجعت الحركة في صالات الأفراح إلى النصف أو أكثر. كنا في السابق نلبّي 10 أو 15 حفلة عرس في الشهر الواحد، أما الآن فيمكن ان يمر الشهر ولا نحضر لأكثر من 5 حفلات في أحسن الأحوال؛ ما أدى إلى تراجع المداخيل في حين أن لدينا عمالاً ومصاريف مختلفة، ومع ارتفاع أسعار المازوت؛ هناك تخوفٌ من احتمال توقف العمل في هذه الصالات بالكامل”.
كانت حفلة العرس العادية لشخص متوسط أو محدود الدخل في مناطق الشمال، تكلّف بحدود الألف دولار يزيد أو ينقص قليلاً. اليوم أصبح الألف دولار يعادل قرابة 16 مليون ليرة لبنانية، فمن كان دخله بالعملة المحلية أصبحت حفلات الأعراس من أصعب الأمور بالنسبة إليه.
وعن معاملات تثبيت الزواج في المحاكم أو ما يسمى كتب الكتاب، يشرح الشيخ حسن الأكومي لـ”نداء الوطن” ويقول: “إجراءات الزواج في السابق كانت أكثر سهولة ويسراً. فكان العريس يعطي للشيخ المكلف اي (المأذون) بحدود 200 – 300 ألف ليرة وهي أسعار موحّدة لدى الأغلبية وفي المناطق ما عدا العسكري تزيد قليلًا لأن إجراءات المعاملة بالنسبة إليه بحاجة إلى أوراق إضافية، وكان الشيخ المأذون بالمقابل، يتكفّل بكل شيء؛ وثمة مشايخ كانوا لا يتقاضون هذه الأجور أو بدلات الأتعاب. أما الآن، فهذا المبلغ أصبح لسعر تنكة بنزين واحدة، وبالتالي السير اليوم بنفس الصيغة السابقة لم يعد ممكناً ولذلك صارت تتفاوت الأسعار بين مأذون وآخر ومنطقة وأخرى، فهي تتراوح من 600 ألف لدى البعض إلى حدود المليون ليرة، ومع ذلك لا تكفي. فالمأذون بحاجة إلى زيارة المحكمة الشرعية مرتين وإلى إجراءات ومعاملات، وكلها أمور مكلفة هذه الأيام”.
تجدر الإشارة إلى ازدياد حالات الطلاق بحسب ما يرد من المحاكم الشرعية الشمالية، والأسباب مادية في أكثريتها.