اللبنانيون كلهم، كباراً وصغاراً، يعرفون جيداً حسين يوسف، والد الشهيد محمد يوسف، الأب الصابر والصامد والذي بقي طيلة السنوات الثلاث الأخيرة متعلقاً مع جميع الأهالي بأمل عودة أبنائهم سالمين غانمين إلى حضن الوطن وعائلاتهم. «أيقونة الصبر» وغيرها من الأوصاف والألقاب التي تجمعت بهذا الإنسان الذي بقي حتى اللحظات الأخيرة وهو بالقرب من نعش نجله محمد متمسكاً وصابراً ومحتسباً ومؤمناً بالقضاء والقدر وبأن قدر ابنه أن يفتدي وطنه بدمائه وبروحه ليحمي كل اللبنانيين من دون استثناء.
وتكريماً له ولمواقفه الوطنية المشرفة، وتقديراً لتضحيات ابنه الشهيد، شق موكب جثمانه طريقه بصعوبة من ساحة رياض الصلح حيث خيمة «الانتظار المرير» التي شهدت على وجع الأهالي ودموعهم طوال سنوات الأسر، إلى مسقط رأسه مدوخا – قضاء راشيا، حيث سجّي في ترابها شهيداً بطلاً يفتخر به كل لبنان.
محطات عديدة توقف فيها الموكب وحمل النعش على الأكتاف، من عاليه إلى المريجات، حيث لاقى أهالي البقاع جثمان شهيده العريس محمد أمام منزل الشهيد بيار بشعلاني. وعلى وقع إطلاق المفرقعات ونثر الأرز، أنزل النعش وحمل على الأكتاف لبعض الوقت. ومن ثم شق الموكب طريقه بصعوبة إلى شتورا، حيث تواصل إطلاق المفرقعات ونثر الأرز على الموكب على وقع إطلاق الرصاص. وبعد توقف للحظات في الساحة، عاد وانطلق الموكب الكبير باتجاه بلدة بر الياس، التي استقبل أهلها جثمان الشهيد بحشدلم تشهد له مثيلاً على مفرق البلدة على وقع إطلاق المفرقعات ونثر الأرز على طول الطريق الممتد من مفرق المرج وحتى بلدة مجدل عنجر وتحديداً إلى نقطة المصنع. وهناك أنزل النعش لبعض الوقت من قبل أهالي المجدل على وقع نثر الأرز وإطلاق الرصاص. بعدها شق الموكب طريقه بصعوبة إلى بلدة الصويري على وقع نثر الورود ومن ثم إلى بلدة المنارة، حيث استوقف الأهالي النعش وحملوه على الأكتاف على وقع قرع طبول الكشافة وإطلاق المفرقعات ونثر الأرز.
بعدها شق الموكب طريقه بصعوبة إلى بلدة البيرة، حيث أنزل الأهالي النعش وحملوه على الأكتاف وزفوه بطلاً شهيداً، ومن ثم إلى مسقط رأسه مدوخا حيث منزل الأهل وملتقى الاصحاب والاحباب والمشوار الأخير في طرقات وشوارع البلدة التي لطالما لعب في أروقتها إلى أن سجي في ثرى بلدته شهيداً عزيزاً على قلوب أهلها ومحبيه وكل الوطن.