في غياب الرئيس الشهيد رينه معوض، تغييب الطائف، حقيقة، جوهراً ومعنى سياسياً.
كان الرئيس سليمان فرنجيه يتناول الغداء في قصره.
وفجأة، رنّ الهاتف.
كان على الخط الرئيس رينه معوض من إهدن، فبادره بأنه يتّصل به قبل مغادرته الى بيروت
وسُمع الرئيس فرنجيه يتمنى عليه البقاء في عروس مصايف الشمال.
لكن رئيس جمهورية الطائف، أكد حرصه على قيادة الاحتفال بعيد الاستقلال.
بضعة أيام مضت، والرئيس معوض، رأس احتفال عيد الاستقلال، لكنه اغتيل وهو في الطريق الى المقر الرئاسي الموقت.
… واغتيل معه اتفاق الطائف.
وشهيد الاستقلال.
من يومها تناثرت أوراق الاتفاق، على أديم لبنان، وأصبح من كان بيدهم الأمر، يحاولون التقاط الأوراق.
ذهب الرئيس الشهيد لملاقاة ربّه.
وذهب الطائف في خبر كان.
كان رجل الدماثة واللباقة.
وصاحب الرؤية الواقعية للبنان، ما بعد الحرب.
وعندما نصحه الرئيس فرنجيه، بالبقاء في إهدن، ودعوة القيادات اليه، كان خوف فارس الجمهورية في محلّه.
هل كان يمارس الحدْس السياسي؟
أم عرف ان في السياسة، طلوعاً ونزولاً.
وان الأخطار المحدقة بلبنان، لا تزال جاثمة فوق الرؤوس والصدور.
كان الرئيس السابق للجمهورية، يدرك ان رفيق حميد فرنجيه وزميل سليمان فرنجيه في النيابة، قد فصّلوا الطائف على قياسه.
وان التوافق عليه قد حصل.
وفي غيابه قد يندثر ويزول.
من أجل ذلك، تمنى عليه البقاء في إهدن، وعدم الذهاب الى بيروت.
إلاّ أن فارس الاستقلال أبى أن يكبو به جواد الحرية.
وآثر المجازفة على السلامة.
رافق الرئيس حسين الحسيني والدكتور سليم الحص، الى القصر الحكومي.
واجترح كأس الاستقلال الحزين، بين محلة عائشة بكار ووزارة الاعلام اللبنانية.
رحل رينه معوض الى جوار ربه.
أخذ معه ٢٥ سنة على استشهاده.
وليل الاغتيالات طال.
تجمد ولم يرحل عن لبنان.
أخذ الرئيس الشهيد معه، رفاقاً رافقوه.
وكانوا معه شهداء الشرعية والاستقلال.
برحيله، لم يبقَ اتفاق الطائف، كما وضعوه لضمان استمرار لبنان وبقائه.
وبعد ربع قرن أطلت داعش والنصرة علي البلاد.
استحضروها، في اطلالة بشعة على شعب حي.
هل يعقل أن يغتالوا سبعة شهداء من الجيش في رأس بعلبك عشية الاحتفال بذكرى استشهاد الرئيس معوض؟
هل يريدون تصفية الوطن، أم اعطاء براءة لمؤامرة لا تزال تدمر لبنان تباعاً؟
بعد خطف العسكريين من عرسال الى جرودها خطفت النصرة وداعش الجنود اللبنانيين، وراحت تفاوض بهم وعليهم.
وأخذت تمارس ضغوطات هائلة عليهم، للتظاهر ضد السلطة.
والمطالبة ب مقايضة المخطوفين بمسجونين في رومية.
هي المؤامرة التي يبدو انها لا تزال مستمرة.
وان لبنان يواصل تقديم الشهداء من أجل الاستقلال.