أعاد الرئيس ميشال عون مشكوراً إحياء ذكرى الشهداء وهي مناسبة عزيزة على قلوب اللبنانيين جميعاً وعلينا بالتحديد، معشر الصحافيين، خصوصاً وأن الدماء سالت وتسيل من الجسم الصحافي منذ ذلك السادس من أيار (1916) على يد جمال باشا السفاح، حتى جزاري هذا العصر الذين قضوا على نخبة من الصحافيين أكتفي بذكر أحدهم الشهيد الحبيب جبران تويني، ناهيك بالكثيرين الذين سقطوا خلال الحرب الملعونة التي ضربت لبنان يوم خرج الوحش الكامن في داخلنا فإنقدنا، نحن اللبنانيين، الى مخططات الخارج بعضنا بوعي وبعضنا الاخر من دون وعي، وبعضنا الثالث من دون إرادة… فكانت تلك الفجيعة وما تخللها من مآسٍ لا تزال تداعياتها ماثلة، حتى اليوم بشرورها كلها ومآثمها كافة.
واذ تحتفل الصحافة اللبنانية، اليوم السادس من أيار بذكرى الشهداء الأبرار فإنما هي تؤكد على أن دماءهم الطاهرة لم تذهب سدى، خصوصاً وأن الدم المراق يستصرخ عدالة.
ويهمني في هذه الذكرى أن أسجل أنّ الصحافيين الذين استشهدوا دفعوا دائماً الثمن الغالي للحرية ولإيمانهم المطلق بالشهادة للحق، كل من وجهة نظره.
وأن أؤكد على يقيني الثابت بأن شهداء الصحافة اللبنانية دفعوا أيضاً الضريبة الأغلى عن صراعات المنطقة، وهذه حقيقة راسخة في وجداني.
ولم تكن مصادفة أن رئيساً أسبق للجمهورية رحّب ذات حقبة بمجلس نقابة الصحافيين قائلاً لهم: أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان. الذين اتخذوا من هذه العبارة مجالاً للسخرية ونظروا اليها على أنها سلبية، فقد أساءوا التقدير وربّـما الظن، وهذا السوء هو فعلاً «إثم» وليس «من حسن الفطن». اذ بإستطاعة صحافيينا وصحافتنا المفاخرة بأنهم حملوا مشاعل القضايا العربية قاطبة سيان ما كان منها داخلياً أم إقليمياً عاماً. فيوم كانت الأفواه مكمومة ولا تزال، والحريات الفردية والعامة مقموعة ولا تزال في معظم البلدان العربية، كانت الصحافة اللبنانية تعبّر عن هذا الواقع بتفاصيله ودقائقه. فالحكام العرب كانت لهم منابر في الصحافة اللبنانية، والمعارضون في مختلف البلدان العربية كانت لهم تلك المنابر أيضاً عندما عزّت المنابر الحقيقية في عواصم هذه الأمة.
ولا نود أن نسترسل أكثر في هذا السياق! فقط لا بدّ من توجيه تحية إكبار الى صحافتنا الوطنية وتحية اعتزاز إلى صحافيينا اللبنانيين الذين حملوا المشعل ولا يزالون بالرغم من الظروف القاهرة والمعطيات الواقعية التي تحوط بصحافتنا ومع ذلك هي مدار فخار قدر ما هي موضع ثقة ولا تستطيع أن تجاريها في هذا المضمار صحافة الترف والكيلو!