أضحى الإستحقاق الرئاسي على خط كليمنصو مسألة عابرة، لا بل يغيب الإستحقاق الرئاسي لدى البيت الجنبلاطي، من منطلق مقولة لمصادر مقرّبة من وليد جنبلاط «قمنا بمبادرة وحاولنا وطرحنا أسماء، ولكن لم يعد مقبولاً أن نغوص في جدال عقيم، وأن يُفسَّر ما بادرنا به بأنه تدخّل في شؤون البعض، أو أننا فضّلنا أسماءً على أسماء أخرى، وبناء عليه أقفلنا باب المزايدات عند البعض، وأوقفنا كل ما يمكن أن يعتبر تدخّلاً في شؤون وشجون الإستحقاق الرئاسي»، بل نحن، تضيف المصادر «نحرص على ميثاقية كل الطوائف، وهذا ما عبّر عنه جنبلاط في أكثر من محطة ومناسبة، ولذلك فإن هذه المسألة خارج التداول لجملة ظروف واعتبارات».
وفي هذا السياق، يقول عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حماده لـ»الديار»: أن رئيس الحزب «التقدمي» جمّد جهوده راهناً في الملف الرئاسي، بعد أن استشعر ما يحيط بالبلد من مخاطر سياسية وأمنية، وعلى وجه الخصوص إجتماعياً وطبياً ومعيشياً وتربوياً، ما دفعه إلى تحريك مبادرة رئاسية هدفها كسر حلقة الجمود السائدة بين سائر المكوّنات في البلد، وفتح كوّة في هذا الجدار المسدود، منطلقاً من زاوية أن الحوار هو المدخل الأساسي لولوج الإستحقاق وانتخاب الرئيس، لا سيما أنه وفي حقبة الحروب التي مرّت على البلد، كان الحوار طاغياً، ولكن إلى أين وصلنا اليوم؟ فتم إفشال كل المبادرات التي قدّمها جنبلاط من خلال الجهود المضنية التي قام بها عدة مرات، ومن دون استثناء أي طرف أو مكوِّن سياسي وحزبي.
يضيف حماده أن جنبلاط طرح بعض الأسماء المشهود لها بالكفاءة السياسية والعلمية والإقتصادية، وهي من الصنف الحيادي بعيداً عن الإصطفافات، ولكنهم رفضوها متمسكين بمواقفهم التي أوصلتنا إلى حالة هي الأصعب في تاريخ لبنان المعاصر، حيث معاناة الناس وفقرهم وظروفهم الصعبة، باعتبار أن انتخاب الرئيس من شأنه أن يشكِّل حالة استقرار سياسي واقتصادي، مرفقاً برزمة إصلاحات من خلال حكومة إصلاحية، بعدما شهدنا في الآونة الأخيرة حكومات من كواكب أخرى، ووزراء من الفضاء الخارجي.
ويتابع حماده: إن تجميد جنبلاط لمبادرته، لا يعني أن «اللقاء الديمقراطي» منكفئ عن الملف الرئاسي، وهو الذي يمثِّل في صفوفه شريحة تمثل طوائف لها تقديرها واحترامها، ورؤيا وخبرات سياسية ودستورية واقتصادية، على اعتبار أن اللقاء تقدّم في كل المجالس النيابية المتعاقبة، بمشاريع قوانين، تحديداً إقتصادية وإصلاحية، ولو تم الأخذ بها لما وصلنا إلى هذا الدرك والوضع المأزوم، الذي ينبئ بمخاطر جمّة إذا طال أمد الفراغ واستمرينا في الدوران في الحلقة المفرغة.
ويقول حمادة : لأكن صريحاً وواضحاً، لنا موقفنا وثوابتنا ورؤيتنا أكان في الحزب «التقدمي الإشتراكي» أو «اللقاء الديمقراطي»، ولكن لا يمكن أن ينتخب رئيس للجمهورية دون إرادة المملكة العربية السعودية، لما لها من دعم تاريخي للبنان على مدى قرون، وبالتالي من الطبيعي أن ما جرى من تقارب وعودة للعلاقات الديبلوماسية بين المملكة وعدد من الدول الأخرى، لا بد أن يريح الساحة اللبنانية، ولكن المملكة تملك رؤيا واضحة واستراتيجية لكل ملف على حدة.
وجزم بأن الرياض لم ولن تتخلّى عن لبنان لا ماضياً ولا حاضراً أو حتى مستقبلاً، فهي حدّدت في «اللقاء الخماسي» الذي انعقد في باريس، وقبله من إعلان جدة إلى قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، ومن ثم البيان الأميركي ـ السعودي المشترك، وصولاً إلى حراك سفيرها في لبنان وليد بخاري، موقفها من الإستحقاق الرئاسي، حيث وضع سفيرها كل من التقاه بما تريده المملكة بالنسبة للإستحقاق الرئاسي، دون أن تفرض أي مرشح، بل هي حدّدت المواصفات لا أكثر.