تكليف دياب تجاوُز خطير للميثاقية يتحمّل العهدُ مسؤوليته
إذا كان الذي جرى في الـ2011، قد تم وصفه حينها، بـ«انقلاب القمصان السود»، فإن الطريقة التي تمت فيها تسمية الوزير السابق حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة، تكاد تكون أخطر بكثير، لنتائجها على النسيج الطائفي في البلد، خاصة وأنه تم تجاهل مشاعر طائفة بأكملها، بعدما سبق لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان أن قال أن الرئيس سعد الحريري هو المرشح لرئاسة الحكومة، ويحظى بدعم أركان الطائفة، السياسيين والروحيين. فكان أن قامت القيامة على هذا الموقف من الفريق الآخر الذي أخذ يختلق العقبات، بهدف إحراج الرئيس الحريري، فإخراجه من السباق الحكومي، وهذا ما حصل، في خرق فاضح للميثاقية التي يجب أن تغطي عملية تكليف الشخصية السنية التي ستشكل الحكومة. إذ كيف يمكن لرئيس مكلف أن يشكل حكومة في بلد كلبنان، ولم يحظ إلا بأصوات لم تتجاوز عدد أصابع اليد من نواب طائفته؟ كما هي حال الدكتور حسان دياب الذي كلف تشكيل الحكومة الجديدة.
وبالتالي كيف يقبل الرجل على نفسه ما سبق ورفضه الرئيس الحريري برفضه أن يسمى لتأليف الحكومة، بعد رفض تكتل لبنان القوي وكتلة الجمهورية القوية تسميته؟ وهذا التجاوز الخطير للميثاقية في عملية التسمية، والإمعان في تجاوز رأي المكون السني، يشكل شرخاً بالغ الخطورة، يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى العهد ومعه كل الذين مهدوا الطريق لدياب في الخفاء، معرضين استقرار لبنان لأضرار لا يمكن التكهن بنتائجها، وإن كان بذريعة تفعيل عمل المؤسسات والإسراع في تشكيل الحكومة.
لا بل أكثر من ذلك، كيف للرئيس المكلف أن يستطيع تجاوز الأزمة التي أوقع نفسه بها، بتكليف يفتقد للميثاقية الضرورية التي تمكنه من البدء بعملية التأليف، وسط معارضة ومقاطعة واضحتين من جانب مكونات الطائفة السنية التي لا يمكن أن تقبل بفرض رئيس حكومة عليها لا يحظى بموافقتها، خلافاً لما جرى مع الرئيس نجيب ميقاتي في الـ2011. في ظل ترقب لما ستحمله مرحلة ما بعد التكليف المشوبة بالكثير من التعقيدات، مع قرار تيار «المستقبل» عدم المشاركة في الحكومة، إلى جانب أطراف أخرى.
ووصف عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة لـ«اللواء» ما جرى على صعيد استشارات الأمس، بأنه «أخطر مما جرى في الـ2011، فعندها كان الرئيس ميقاتي ممثلاً لمدينة طرابلس، أي لشريحة وازنة من المكون السني في لبنان. أما الآن فنحن أمام مشهد استكمال «حزب الله» وضع يده على كامل السلطات الدستورية في البلد. من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة المجلس بواسطة الرئيس نبيه بري، ولو بقي هذا الرئيس أكثر حكمة من الآخرين، وعن طريق رئيس حكومة معين في ليلة لا ندري ما حيك خلالها ومن أين أتت كلمة السر». وقال: «قد يكون الأستاذ حسان دياب شخصية جامعية لها تقديرها، إنما تكليفه المحتمل بهذا الشكل يخالف طموحات أغلبية اللبنانيين التي عبروا عنها في انتفاضتهم المجيدة، ويخالف أبسط قواعد الميثاقية الوطنية ويعزل لبنان عن مجتمعه وبيئته العربية والدولية».
ولا يرى حمادة أن ما جرى، يمكن النظر إليه على أنه مواجهة بين «الثنائي الشيعي الماروني» والطائفة السنية، إذ «بين الشيعة عقلاء والرئيس بري منهم ونعول عليه لوقف هذه المهزلة. أما في الجانب الماروني، فالقوات اللبنانية لا تقل أهمية ومساحة شعبية عن المجموعة العونية المنخرطة كلياً بالمحور السوري الإيراني»، داعياً إلى انتظار موقف الشارع الذي هو الضحية الأولى لما يجري.
ويحذر حمادة، من «مخاطر كبيرة تتهدد لبنان جراء تشكيل حكومة تفتقد إلى الميثاقية، باقتصاده أكثر فأكثر، علماً أن الأخطر من ذلك، حتى على الاقتصاد، هو الانقسام الميثاقي في البلد. ولذلك لا أتوقع من حكومة كما يخططون لها، أن تحل أياً من الأزمات التي يواجهها لبنان».