انتزع وزير الداخلية من مجلس الوزراء تمويل الانتخابات البلدية والاختيارية وفرعية جزين، وفي الوزارة تبدو الاستعدادات جارية وكأن الانتخابات حاصلة غداً، بعد جولة واتصالات اجراها المشنوق مع فعاليات وعلى القيادات السياسية الاساسية حيث بقناعته لا شيىء يبرر تأجيل الانتخابات او الغاءها في حين يبدو «المستقبل» الذي يتنمي اليه وزير الداخلية في موقع آخر، حيث يدرك العارفون بما يجري في المستقبل ان التيار الأزرق ورئيسه لا يرغبان بحصول الانتخابات التي يحضر لها وزيره بسبب الوضع الأمني في بلدة عرسال الذي يبدو متأرجحاً ومتخبطاً بعد التطورات الامنية في سوريا وتدفق «داعش» الى البلدة ومحيطها وما يتردد ان البلدة تحت وطأته رغم نفي الكثير من السياسيين لخطورته، بحيث ان ابناء عرسال لن يكونوا قادرين على ممارسة حقهم الانتخابي في هذه الظروف، مما يعكس وفق العارفين تناقضاً فاضحاً بين ما يقوم به وزير الداخلية الذي ترى اوساط سياسية انه يقوم به من موقعه كوزير للداخلية وبين ما لا يريده المستقبل بذريعة ان وضع عرسال لا يسمح بذلك.
ولعل ذروة التناقضات ان المستقبل لم ير كما تقول الاوساط من ذريعة الا الموضوع العرسالي فيما البلاد غارقة بالتعطيل الرئاسي وصراع بين معسكرين في الملف الرئاسي، وفيما تجتاح اطنان النفايات شوارع العاصمة وضواحيها وجبال لبنان وسهوله ووديانه. وفق الاوساط نفسها فان حماسة وزير الداخلية للانتخابات وتحضير اللوائح والتجهيزات اللوجستية في وزارة الداخلية لا تعني ان الانتخابات صارت امراً واقعاً وحتمياً، فالمستقبل لا يريد الانتخابات البلدية والتمديد للمجالس البلدية فرضية قائمة وقد يفرضها مسار الأحداث وفي حال حصول تطورات امنية، رغم ان مجمل القوى السياسية لا تبدي اعتراضات على الانتخابات النيابية كما فعلت في الاستحقاق النيابي فحصل التمديد الاول ومن ثم الثاني للمجلس النيابي. وما يعزز هذه الفرضية تداخل العوامل المحلية والاقليمية مع بعضها من الاستحقاق الرئاسي المعطل بين مرشحين من فريق 8آذار، الى الشلل الحكومي الى الاحداث في الدول المجاورة. وبالتالي فان جهوزية الداخلية وهمة المشنوق وحدهما لا تكفيان لانجاز الاستحقاق البلدي اذا كانت القوى السياسية التي تجاهر بحماستها له فيما هي في الواقع غير لاهثة وراءه والقيادات السياسية باتت منقسمة بين معسكرين لاتمام الاستحقاق الرئاسي بعد التسوية الباريسية التي قلبت المقاييس والتحالفات السياسية.
وبحسب الاوساط فان الاستحقاق البلدي سوف يلاقي المصير نفسه الذي حصل لمجلس النواب وان مواقف القوى السياسية لن تتعدى المزايدات الكلامية في حال حصلت الاعتراضات. وتطرح الاوساط تساؤلات عن الجدوى في الدخول بانتخابات للمجالس البلدية والاختيارية طالما الكرسي الاولى فارغة ومجلسا النواب والحكومة في حال فضائحية من العجز والشلل، وفيما النفايات تغزو الشوارع، فما الجدوى من الدخول في متاهات الانتخابات البلدية التي ستوجد بلديات وهيئات بلدية غير متمرسة سيكون على عاتقها ربما مسؤوليات في حال سلك قرار ترحيل النفايات حيز التنفيذ او لم يحصل في هذا الملف. ولعل العامل الامني يبقى هو الادق في ظل المخاوف من عودة التفجيرات الامنية على اعقاب فشل الملف الرئاسي ودخول الانتخابات الرئاسية ثلاجة الانتظار، فلا ميشال عون بوارد التراجع عن ترشحه ولا سليمان فرنجية بوارد الانسحاب للعماد عون.
عدا ذلك فان المشهد السياسي لا يظهر الا الانقسامات والاصطفافات الجديدة التي احدثها ترشيح سليمان فرنجية من قبل سعد الحريري وحيث بدأ مشهد تبدل التحالفات يظهر بوضوح على الساحة، فالقوات اللبنانية وجدت نفسها مضطرة بعد اعلان النوايا مع الرابية ومع فرض ترشيح فرنجية من قبل حليفها الأزرق الى تبني ترشيح عون و الخيار الذي لم تكن تقبل به اصلاً لولا ان الحريري دفعها اليه، ورئيس تيار المردة الذي ساءت علاقته بالرابية على خلفية تسميته مرشحاً من قبل الحريري بات قريباً جداً من المستقبل وفرنجية ربما سيحل ضيفاً في ذكرى 14 شباط وربما سيكون مرشحاً رسمياً معلناً في تلك المناسبة. بالتالي فان هذه الفوضى والمتغيرات تفرض ايقاعها في اي استحقاق قادم سواء كان رئاسياً او نيابياً او بلدياً.
الى ذلك يبدو وفق الاوساط ان التيار الوطني الحر والقوات بدأا بالتحضير للانتخابات البلدية التي ستكون ترجمة عملية لاعلان معراب وخصوصاً في انتخابات جزين، وحيث ينقل العارفون ان المستقبل سيواجه بحملة من الطرفين لمنعه من تأجيل الانتخابات وهذا ما ستظهر معالمه في المرحلة القادمة وان كان يغلب على الاستحقاق العامل العائلي والصراع بين ابناء البلدة والقرية ذاتهما.