Site icon IMLebanon

.وتكمّموا!  

 

يجدر التوقف باهتمام عند المخاوف التي عبّر عنها، أمس، نقيبا الأطباء والمهن التمريضية في مؤتمرهما الصحافي المشترك منبهَين لخطورة عدم التقيّد بالوقاية، محذرَين من موجةٍ ثانية مخيفة من فيروس كورونا، فيما لا سمح الله انتشر مجدداً بسبب الإهمال واللامسؤولية وعدم الدراية.

 

لا شك في أن وزارة الصحة والأجهزة التابعة لها، وخصوصاً مستشفى رفيق الحريري الجامعي، قد أبلت حسناً في مواجهة فيروس COVID-19 وتمكنت من التعامل معه بجدية وفهم عميق، واستحق الوزير والوزارة الثناء من غير جهة وطرف، بشبه إجماع.

 

إلا أن الموجة الثانية التي يحذّر العالم كله منها بحال حلت بشرورها فلن يكون الوزير ولا الوزارة ولا المستشفيات قادرين على احتوائها والتعامل معها بالفاعلية التي عرفناها حتى الآن، والتي يعود الفضل في قسم كبير من نجاحها إلى المواطنين الذين استجابوا للتعليمات وتأقلموا، ما أمكن، مع الضرورات والمستجدات.

 

إن الذين شاهدوا، عبر شاشات التلفزة، التجمعات في الشوارع، في الأيام القليلة الماضية، قد راعهم ألا يكون هناك حدٌ أدنى من الوقاية، خصوصاً في تغييب الكمامات تماماً عن الأوجه، ما اضطُر قوى الأمن الداخلي، مشكورة، وبتعليمات من المدير العام اللواء عماد عثمان، إلى تزويد المتظاهرين، في منطقة “الرينغ”، وسط العاصمة، بالمئات منها، علّ وعسى يمكن تدارك الوضع.

 

طبعاً هذا لا يعني أن الفيروس متغلغل في الجموع، بالذات تلك التي شاركت في التظاهرات، ولكن يكفي أن يكون متظاهرٌ واحدٌ مصاباً لينقل العدوى إلى أعدادٍ كبيرة، وهكذا دواليك… والمتظاهرون لم يقيموا وزناً للمسافة المفترضة بين الشخص والآخر (التباعد الاجتماعي)، وهذا يستحيل أصلاً في التظاهر. أضف إلى ذلك، ما يترتب على الهتافات بالصوت العالي من رذاذ يمكن أن تنثره الأفواه بين الأشخاص المتجاورين حتى التلاصق وما أكثرهم. وإذا كان متعذراً حفظ التباعد بين الشخص والآخر الذي نصح به، أمس، نقيب الأطباء المتظاهرين، فإن استخدام الكمامات ليس مستحيلاً.

 

جاء في دراسةٍ رصينة أنه في حال انتشار فيروس كورونا مجدداً، فإن الإصابات لن تتوقف عند حد، وربما بلغت الآلاف، لأن الاسترخاء الذي أعقب ويعقب المرحلة الأولى، هو “المشجّع” الأول على الإنتشار. وثمة رأيٌ يعبر عنه كثيرون من المتظاهرين كمثل أولئك الذين استمعنا إليهم في إحدى المناطق البيروتية ليل الثلاثاء ويقولون: كورونا كذبة كبيرة ليست موجودة إلا في إدعاءات المسؤولين الذين يهوّلون بها علينا كي لا ننزل إلى الشارع.

 

إن مثل هذا التفكير، بالغ الخطورة إذا اتخذت به العامة… وستترتب عليه نتائج مفجعة. ومؤسفٌ أن الذين كانوا يعبّرون عنه هم من جيل الشباب المفترض أنه على وعيٍ ومعرفة وإطلاع. علماً أن نقيب الأطباء (وهو غير ذي صفة حكومية) لم يقل بالانسحاب من الشارع، إنما دعا المتظاهرين إلى الوقاية.