IMLebanon

«قداس المغفرة والتوبة»؟!

 

بعد توافق اكثرية اللبنانيين على اتفاق الطائف الذي انهى الحرب في لبنان، كنت اسمع عتباً شديداً يصل الى حالة الغضب، من اصدقاء لي واقارب معظمهم من منطقة الشوف، على تجاهل الدولة والاحزاب، وخصوصاً الحزب التقدمي الاشتراكي، لذكرى حوالى 180 مسيحياً قتلوا في يوم اغتيال الشهيد كمال جنبلاط، ولم يبدر حتى اعتذار عن هذه المجزرة البشعة بحق ناس ابرياء، بعضهم يدين بالولاء والتأييد للشهيد جنبلاط وللحزب الاشتراكي. حتى ان مواقع التواصل الاجتماعي اثارت هذا الموضوع في 16 الجاري، ذكرى اغتيال كمال جنبلاط مطالبة بتكريم هؤلاء الشهداء الابرياء، والاعتذار من اهلهم واقاربهم ومعارفهم، وكنت اتفهّم حزنهم وعتبهم وحتى غضبهم، وانا معنيّ شخصياً بالامر، لان قريباً لي في العشرينات من عمره قتل وهو يعبر الشوف بطريقه الى جزين، وحتى اليوم لم يعثر على جثته.

 

هذه المقدمة، تمهيد للمبادرة الطيّبة التي اعلن عنها وليد جنبلاط، الذي كان له دور حاسم في ذلك اليوم الحزين المشؤوم لوقف مجزرة الجنون التي يمكن ان يكون قد افتعلها ويقف وراءها من قتل كمال جنبلاط ومرافقيه، وهي اقامة قداس عن روح الشهداء يوم السبت المقبل في كنيسة سيدة التلة في بلدة دير القمر، يحمل اسم «قداس المغفرة والتوبة»، المغفرة عن قتل الابرياء والتوبة عن تكرار هكذا اعمال، وهذا فعل يجب ان ينسحب على جميع ابناء الجبل، وجميع اللبنانيين في كل مناطقهم.

 

* * * *

 

المهم في تغريدة جنبلاط قوله، أن نجاح القداس بابعاده المستقبلية، يتجسّد بحضور جميع عائلات الشهداء الأبرار الذين سقطوا يوم اغتيال كمال جنبلاط، وبذلك تتكرّس مصالحة الجبل، وقد أكّد جنبلاط على حضور عائلات الشهداء، «حتى لا يطغى على الاحتفال حضور الشخصيات والمرافقات على حساب اصحاب العلاقة»، بما يعني ان قداس «المغفرة والتوبة» هو لأصحاب الشأن، وليس للاستعراض.

 

هذه المبادرة، حتى ولو أتت متأخرة، الا انها تأتي في وضع داخلي بالغ الصعوبة والخطورة، مع تصاعد العنف الطائفي والمذهبي في منطقتنا ودول العالم، وكنت اقول دائماً في كتاباتي وفي أصعب الظروف، أنه عندما يكون الجبل بخير، فلبنان كلّه بخير.