Site icon IMLebanon

نائب الأشرفية “بوسي” الأشقر

 

 

قبل أعوام توفى ابن عم والدي “أبو ميشو”، كما كنا نناديه، بعدما نال منه المرض الخبيث في عراك غير متكافئ استمر أعواماً. ما إن تلقيت الخبر المحزن في ساعات المساء الأولى، ولم يكن مضى على الوفاة أكثر من ساعة هرعت إلى منزل الفقيد في كرم الزيتون فالتقيت على الدرج الضيّق بـ”بوسي” مغادراً، تعانقنا ولم أتمكن من بلع سؤالين بواحد: “عن جد كيف عرفت إنو “أبو ميشو” توفّى؟ وكيف لحّقت توصل قبلنا وحتى قبل ما تنطبع ورقة النعوة؟”.

 

موجوداً كان، “بوسي”، مع أهل الأشرفية في أتراحهم قبل الأفراح.

 

في زمن الحرب وفي زمن الوصاية. في يومياتهم، في مناسباتهم، في انتخاباتهم، وفي أزماتهم. في الحرب قاتل صغير الدكتور جوزف الأشقر إبن ديك المحدي المحسوبة على “الحزب القومي” في صفوف خصومهم الألداء على مدى ثمانية عقود. ثم رافق ولادة “القوات اللبنانية ” وبقي فيها قبل أن يتولى سمير جعجع القيادة “المطلقة” في العام 1986. لا كيمياء بين “ابن الأشرفية” و”ابن بشري” لا بوجود بشير ولا بعد استشهاده.

 

في تاريخ “بوسي” العسكري محطات، فقد كان رأس حربة في مواجهة مكشوفة بين بشير والجيش، وحادثة التعرض لموكب وزير الخارجية والدفاع فؤاد بطرس وتجريد مرافقيه من أسلحتهم وثيابهم في سبعينات المواجهة، لم تمنعه من أن ينسج لاحقاً علاقات ممتازة مع ضباط الجيش وتولي مهمة التنسيق معهم، وكم من مرة طلب “معونة” قائد أحد ألوية الشرقية لضبط جمهوريّ الحكمة والراسينغ على ملعب برج حمود.

 

ضمن مشروع الرئيس بشير الجميل طرح اسم “بوسي” لقيادة الحرس الجمهوري، في إطار دمج الميليشيات بالجيش. ومع تولي الرئيس أمين الجميل الرئاسة ساءت علاقته مع “البشيريين”، ففي اجتماع موسّع عُقد في بكفيا مع أركان القوات، وكانت الأوضاع في الجبل تنذر بالأسوأ والأسود، نظر الجميل إلى “بوسي” وسأله: إنت شو بدّك؟ فأجابه ممازحاً: “عروسة مربى المشمش، مع قنينة بيبسي”، والخبر رواه لي بوسي بعد 24 ساعة على الإجتماع.

 

في “الثمانينات” إلتحق بوسي “البشيري” بالعماد ميشال عون، كما بعض أركان القوات، و”الجبهة اللبنانية” من خصوم جعجع. بهرهم القائد “الشرعي” بشعاراته التحريرية، وكاريسماه. ثم وجد كثيرون في التحالف مع عون مصلحة سياسية. ومع عودة الجنرال من منفاه وجد بوسي الفرصة سانحة لقطف ثمار التحالف من خلال الوصول إلى الندوة البرلمانية، فنجح الأشقر في إحراج “ابن رفيقه بشير” مرتين وساهم في رفع الحاصل الإنتخابي للائحة التيار ـ الطاشناق، فأوصل صحناوي وشركاه إلى البرلمان العام 2018 وبقي هو نائباً مع وقف التنفيذ، من دون نمرة زرقاء.

 

في الخامسة والستين من عمره، خاض”شيخ الشباب” الدورة الأخيرة في الدائرة الأولى، فنجح في الإختبار الشعبي ولم تضحك عيناه لمرأى محبيه على مساحة الوطن والذاكرة.