Site icon IMLebanon

تزاوج عراقيل الداخل والخارج في وجه التأليف؟!  

 

يوماً بعد يوم ينخفض منسوب التفاؤل بقرب ولادة «حكومة الوحدة الوطنية».. وهي الأولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون، بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، التي جرت في السادس من أيار الماضي، وما أسفرت عنه من نتائج لم تكن متوقعة، بحسب العديد من المراقبين والمتابعين.. الأمر الذي انعكس سلباً في مسار تشكيل الحكومة العتيدة، برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي حظي بتأييد 111 نائباً من أصل 128 نائباً..

 

قد يكون من المبالغة في تبسيط الامور حصر العراقيل التي تواجه التأليف بالداخل اللبناني، وتوازنات الافرقاء وتطلعاتهم.. خصوصاً وأن المنطقة بأسرها على أبواب تطورات قد تقلب الموازين.. وذلك على الرغم من اصرار عديدين على «ان الحكومة المقبلة المرتقبة ينبغي ان تتمثل فيها المكونات السياسية بحسب أحجامها التي كشفت عنها بوضوح نتائج الانتخابات، ولا ينبغي ان تشكل المطالب البعيدة عن هذه النتائج أي عقبات او صعوبات تعطيلية لتشكيل الحكومة».

من أسف، ان البعض خرج عن مبدأ التوافق الذي تمَّ مبدئياً، وحطت سياسة المحاصصات وتوزيع الحقائب والتفرد، بنداً أساسياً في العرقلة، لتلتقي هذه «العرقلة الداخلية» مع تطورات دولية – اقليمية – عربية، لم يعد من الممكن ادارة الظهر لها. او نكرانها والتعرف على أساس أنها غير موجودة، خصوصاً وأن الجميع متفق على ان لبنان «ليس جزيرة» في عالم آخر، وكل فريق سياسي يتطلع الى الافادة من هذا المشهد بانتظار ما ستؤول اليه التطورات «ليبنى على الشيء مقتضاه». و»لبنان يمر بفترة دقيقة وصعبة، ونحن بحاجة الي التبصر في أوضاعنا والحرص على السلم الاهلي اللبناني، والحرص على وحدة اللبنانيين والتنبه للمخاطر والاستحقاقات التي تواجهها، لاسيما وأننا في خضم تأليف الحكومة..» على نحو ما قال الرئيس فؤاد السنيورة..

لا أحد ينكر ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بات يمثل أحد رموز الاستهدافات الخارجية والداخلية، لغير سبب.. كما وأن التصويب على «حزب الله» ماضٍ على أكثر من صعيد، وهو وفر العديد من الأسباب لذلك، من بينها مآخذ كثيرين عليه لجهة تدخلاته الخارجية.. والجميع يذكر رزمة العقوبات الاميركية – الخليجية غير المسبوقة والتي لم تميز بين «جناحيه العسكري والسياسي..» الامر الذي طرح منذ ذاك الوقت تساؤلات عديدة حول مصير الحكومة اللبنانية الاولى بعد الانتخابات ويعتبرها الرئيس عون «حكومة العهد الأولى.»؟!

حظي الرئيس المكلف سعد الحريري بنسبة عالية، وغير مسبوقة من الاصوات، قاربت الاجماع على تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.. وعلى رغم ذلك، فهو لم يقلع بعد، وتساؤلات عديدة تواكب مسيرته وكيف سيتعامل مع العراقيل والعقبات الموزعة بين الداخل والخارج.. وعلى رغم شبه القطيعة مع «حزب الله» فإن الفريقين يحافظان على الحد المطلوب لتوفير الاستقرار.

لقد أجمع الافرقاء المعنيون، في غالبيتهم الساحقة على ان «العقوبات» التي طاولت «حزب الله» ليست جديدة، وهي جراء مسار طويل تقوده الادارة الاميركية، وقد أظهرت الكتل النيابية اللبنانية مخاوفها من ان ينعكس ذلك على أمن واستقرار ووحدة البلد.. حيث نبهت كتلة «لبنان القوي» من خطورة عدم التعامل بحكمة مع ذلك، ووفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، بما يعطل أي نيّة خارجية لعرقلة الاستحقاقات التي ينتظرها لبنان.. تماماً كما أعلن قياديون في حزب «القوات اللبنانية»، مشددين على «حكومة وحدة وطنية تضم مختلف الكتل، وهي التي ستشكل شبكة أمان للبنان بوجه المخاطر التي تواجه المنطقة، أمنيا وسياسياً واقتصادياً.. لافتين الى «ان العقوبات على «حزب الله» ليست جديدة..» ونحن أكثر حزب يمكن ان يتوافق مع الحزب في شقه اللبناني، لكن المشكلة تكمن في سلاحه وانغماساته الاقليمية..

لم يخرج الرئيس سعد الحريري، على رغم دقة وضعه وحراجة ما آل اليه، عن هذا هذا السياق، وهو الذي ما انفك يبدي حرصه على مشاركة الجميع في «حكومة الوحدة الوطنية»، متمسكا بسياسة «النأي بالنفس» التي أقرت بالاجماع في حكومته السابقة.. ساعياً للاتيان بفريق عمل حكومي منسجم في السياسة كما في الاقتصاد للشروع في تنفيذ بنود المؤتمرات الدولية، لاسيما «سيدر» و«روما -2» مع اشارة تأكيد حرصه على اتفاق الطائف ورفض المس به وبصلاحيات رئاسة الحكومة، في رسالة مباشرة الى فريق رئيس الجمهورية، او بأي محاولة لتعطيل مجلس الوزراء عبر صيغة «الثلث الضامن».

يتابع الخارج الدولي والاقليمي والعربي، لحظة بلحظة مسار التأليف وما يمكن ان تؤول اليه التطورات الخارجية، ومنسوب التشاؤم في لبنان يتزايد، على رغم نأي «حزب الله» بنفسه عن التدخلات والوساطات، حيث بقي قادة الحزب يطلون من على المنابر مشددين على ان الحكومة المرتقبة، بعد الانتخابات الاخيرة، ينبغي ان تتمثل فيها المكونات المختلفة بحسب أحجامها التي كشفت عنها بوضوح الانتخابات.. ولا ينبغي ان تشكل المطالب البعيدة عن هذه النتائج أي عقبة او صعوبات تعطيلية لتشكيل الحكومة..» والرئيس عون يرمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف.. فإلى أين؟! خصوصاً وأن عديدين يرون ان الضغوطات الخارجية ما كانت لتكون فعاله لو لم تكن تستند الى الداخل اللبناني.. بشكل او بآخر..؟!