حديث عن تجاوز لائحة “القوات” الحاصل الأول
كغيرها من الدوائر الانتخابية، كانت نسبة الاقتراع في المتن الشمالي، العامل الأكثر تأثيراً في نتائج اليوم المتني الطويل حيث ساهمت حماسة أهالي دائرة الثمانية نواب، في رسم توازنات اللوائح الانتخابية داخل صناديق الاقتراع، خصوصاً لجهة رفع رصيد الصوت الاعتراضي، كما دلّت المؤشرات الأولية.
من الصباح الباكر، كانت مراكز الاقتراع في ساحل المتن الشمالي، مقصد الناخبين المتحمسين للإدلاء بأصواتهم. في المحيط، خِيم الأحزاب وتحديداً «التيار الوطني الحر»، الكتائب، «القوات»، تفترش الطرقات الملاصقة، عملاً بمقتضيات قانون الانتخابات. وقد جهّزت مساء يوم السبت لتتوزع في صورها وأعلامها وألوانها بين برتقالي وأحمر وأخضر. لكن المشهد لا يشبه أبداً، الزحمة التي كانت تستقطبها تلك الخيم الحزبية في الدورات الماضية. ولعلّ، هذه المقارنة، هي مؤشر إضافي، الى طبيعة المزاج الشعبي لأهالي المتن، كما الكثير من الدوائر الانتخابية حيث غلب الصوت الاعتراضي على غيره. ومع ذلك، فإنّ القانون الانتخابي، بتشوّهات تطبيقه، فرض مشهدية جديدة من الخصومات الانتخابية:
– «التيار الوطني الحر» خاض المعركة وحده بعد فكّ التحالف «العتيق» مع الطاشناق فيما شهدت صفوفه الداخلية «حروب إخوة» بقرار من قيادة التيار التي حاولت تجيير الأصوات لمصلحة ادي معلوف. أمّا الحزب الأرمني فصار بنتيجة طلاقه مع «التيار» أسير البحث عن حليف يمدّه بما يكفي من الأصوات لتأمين الحاصل الانتخابي. وها هي نسبة المشاركة في أحد مراكز برج حمود لا تتجاوز الـ30% في ساعات بعد الظهر بينما بلغت في بلدات متنية أخرى حوالى 50%.
– توزّعت أصوات الحزب السوري القومي الاجتماعي في هذه الدائرة بين كلّ من المرشح أنطوان خليل (لائحة المر- الطاشناق) وبين الياس بو صعب وإدي معلوف الذي يتردد أنّ «حزب الله» خصّه أيضاً بأصوات شيعية بناء على طلب رئيس الجمهورية الذي خاض بنفسه معركة النائب الكاثوليكي.
– «القوات» بدورها شكلت لائحة من المستقلين وتركت البلوك الحزبي لملحم رياشي الذي سعى مع «رفاقه» إلى رفع محصول اللائحة من حاصل إلى حاصلين. ويتردد أنّ القوات استفادت من تحوّل حصل في الأيام الأخيرة لدى بعض الأصوات الاعتراضية التي خاب أملها جرّاء الفوضى التي حصلت في صفوف القوى الثورية أو التغييرية.
– أما الكتائب فحاولت تجيير لافتة «الثورة» لمصلحتها من خلال ضمّ مرشحين من هذا المحور. لكن التقدم الملحوظ الذي شهده ترشيح جاد غصن (مرشح «مواطنون ومواطنات»)، أعاد تصويب بوصلة التصويت الاعتراضي بعض الشيء.
عند ساعات الظهر، كانت الأخبار عن تفوّق بعض اللوائح، وتراجع بعضها هو المسيطر. فمثلاً، كان الحديث عن تجاوز لائحة القوات الحاصل الأول، وبالتالي انضمام رازي الحاج إلى ملحم رياشي، هو الأكثر تداولاً بين القوات. فيما الأجواء بين العونيين كانت تشير إلى معارك داخلية، أطاحت باحتمال أن يكون نجاح أي من المرشحين الأساسيين الثلاثة، أي ابراهيم كنعان والياس بو صعب وإدي معلوف محسوماً. الثلاثة كانوا في دائرة الخطر خصوصاً أنّ أياً منهم لا يستطيع أن يجزم أو أن يحسم عدد الأصوات التفضيلية التي سينالها كما أنّ احتمال حصول اللائحة على ثلاثة حواصل أو حاصلين وكسر عال، صعب جداً. كذلك، بيّنت مجريات اليوم المتني، فقدان آل المرّ عصبهم الشعبي حيث كانوا يتكلون على البلديات وبعض المدراء العامين بشكل خاص، لشدّ عصبهم، فيما أظهر الاستحقاق أن معظم رؤساء البلديات لا سيما الساحلية منها، توزعوا في ولاءاتهم السياسية عند القوى الأخرى خصوصاً أنّ هؤلاء يخشون إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية العام المقبل في الموعد المؤجل بفعل قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية. ولذا كان لا بدّ من «تحصين» جبهتهم السياسية.
معركة المتن مسيحية بامتياز، ومع ذلك، ثمة نسبة قليلة من الناخبين ينتمون إلى الطوائف الإسلامية حيث تقدر نسبة هؤلاء في دائرة جبل لبنان الثانية بـ6% من مجموع الناخبين، أي نحو 13 ألفاً بينهم حوالى ستة آلاف شيعي وأربعة آلاف سنيّ وحوالى ثلاثة آلاف درزي. ويرجح أن تكون الأصوات الشيعية قد توزعت بين لائحة المر ولائحة «التيار»، فيما يتردد أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي وعد «القوات» بتجيير أصواته لمصلحة ملحم رياشي… أمّا الأصوات السنية، فعادت ما تدخل مزاد «الأخذ والردّ».