Site icon IMLebanon

الإستحقاق إلى 2016: وقت اضافي قد يكون طويلاً!

يتعيّن ان يمر بعض الوقت في السنة الجديدة كي يتضح هل حملت 2015 معها مبادرة انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا الى غير رجعة، أم تركت الورقة المعلقة منذ تشرين الثاني تستنفد مزيدا من الجهود للابقاء على حظوظها

بانقضاء شهر ونصف شهر على اطلاقها، يصبح من المبكر الحكم على مبادرة الرئيس سعد الحريري بانتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية بزوالها. صاحب المبادرة لم يتخلّ عنها، ولا نائب زغرتا المعني بها وجد الفرصة تجاوزته كي يتراجع، ولا المؤيدون المعلنون والمضمرون على السواء، ولا المناوئون لها بعد انقضاضهم التدريجي عليها عثروا على بديل سواها.

ربما لذلك تبقى قائمة بآمال تترجح بين النجاح والفشل. لكن ما بات يقينا ان 2016 تبدأ بانطباع مفاده ان الشغور الرئاسي سيستمر وقتاً اضافياً، وقد يكون طويلاً.

ومع ان مبادرة الحريري تكاد تكون الوحيدة التي نجحت في تحريك المياه الراكدة في الاستحقاق منذ وقوع الشغور، بعدما استقر التنافس طوال سنة وسبعة اشهر على ثلاثة مرشحين رسميين هم الرئيس ميشال عون والنائب هنري حلو ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الا انها وضعت ــــ للمرة الاولى ـــــ سقفاً جديداً في مقاربة الاستحقاق يحتاج تقويضه الى صدمة مؤلمة، امنية او سياسية، يصعب استيعاب تداعياتها من دون ان يكون انتخاب رئيس الجمهورية ـــــ ايا يكن المرشح ـــــ في صلبها.

1 ـــــ اضحى فرنجية مرشحاً جدياً، بعدما بدا في الاشهر المنقضية من الشغور ينتظر في المقعد الخلفي خلو المقعد الامامي الذي يشغله حليفه عون، وقد اقرّ نائب زغرتا حتى هذا الوقت بتقدمه عليه. مع ذلك، لا يعني جلوسه الآن في الصف الامامي من دون انتظار احد وتمسكه بترشحه، انه سيكون حتما الرئيس المقبل. في المقلب الآخر يشكو المرشحان الآخران الفعليان من متاعب لن يسهل عليهما اجتيازها.

ثمن تمسك عون بترشحه اولا، ثم تمسك حزب الله بهذا الترشح ثانيا ـــــ وهما موقفان لم يفاجئا فرنجيه ـــــ انهيار تكتل التغيير والاصلاح الى حد بعيد، وقد يكون تفكك. منذ انفجار الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة على ترشيح فرنجيه، امتنع نائباه اسطفان الدويهي وسليم كرم وكذلك وزيره ريمون عريجي عن حضور الاجتماعات الدورية للتكتل، باستثناء النائب اميل رحمة الذي يتصرف حيال الحليفين اللدودين على انه يمثل تقاطع ما بينهما. توقفت بين الحليفين السابقين ايضا الاتصالات المباشرة وغير المباشرة، وبدوا كأنهما تخلصا من هذا التحالف. على طرف نقيض من ذلك، لم ينقطع تيار المردة عن التواصل مع حزب الله الذي لم يفصح ـــــ منذ الكشف عن المبادرة ـــــ عن حماسة ظاهرة لانتخاب احد ابرز حلفائه واقدمهم «في الخط». الى ان جهر على الملأ قبل يومين، من بكركي بالذات، ان عون مرشحه الاول. يعني بذلك تحفظه ما لم يعنِ رفضه انتخاب فرنجيه.

بذلك قوّضت مبادرة الحريري، حتى الآن على الاقل، ما كان يحتاج اليه حزب الله وهو وجود حليفين مسيحيين مهمين في قاعدتيهما الشعبية وخياراتهما السياسية واخصها الاقليمية الى جانبه، وعرّضت ائتلاف 8 آذار لشرخ يصعب اعادة ترميمه.

قد لا يكون التصدع المماثل الذي اصاب قوى 14 آذار اقل وطأة. لا يزال جعجع يعدّ نفسه مرشحاً جدياً للرئاسة ينسحب لمرشح توافقي ليس الا، فيما غامر الحريري ليس في التخلي عنه فحسب ـــــ وهو حليفه المسيحي الاقوى ـــــ بل ذهابه الى ترشيح خصمه، من غير ان يخطره مسبقا بهذا الخيار. وشأن تشبّث عون بترشحه رداً على ترشيح فرنجية، لم يبد جعجع اي استعداد للتراجع عن ترشيحه. وهو بالتأكيد لن ينساق الى وهم ترشيح عون تشفياً من الحريري لئلا يمسي فعلا متجرّعاً السمّ. فاذا قوى 14 آذار شأن قوى 8 آذار نصفين.

2 ـــــ اصبحت قاعدة امرار الاستحقاق تبعا لمعادلة رئيس للجمهورية من قوى 8 آذار في مقابل رئيس للحكومة من قوى 14 آذار. الا ان العكس لا يصح في اي حال. على ان تعثر انتخاب رئيس من قوى 8 آذار يؤول حكما الى فشل تسمية رئيس للحكومة من الطرف الآخر. يأتيان معا او لا يكونا ابدا. اذذاك يقتضي الحديث عن رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة بمواصفات مختلفة تماما، ما لم تكن نقيضة، ومن ثم استبعاد كل من قوى 8 و14 آذار من رأس هرم الحكم. ومع ان البعض المتحمس للقاعدة الجديدة يعتقد بأن الابواب اوصدت نهائيا في وجه مرشحين من طراز مغاير في الرئاستين الاولى والثالثة، الا ان صدمة امنية او سياسية من شأنها ان تجعل من تلك المواصفات الخيار الامثل في ما بعد.

بل واقع الامر ان القاعدة الجديدة هذه غير مفتوحة على خيارات متاحة. إما تجيء بفرنجية رئيسا كي يلحق به الحريري، او لا امل في اي من الاستحقاقين. اذ من غير المتوقع موافقة الحريري والنائب وليد جنبلاط على عون رئيسا وإن اصر عليه حزب الله. ومن دون الفريقين السنّي والدرزي لا رئيس للجمهورية، على نحو مطابق لموقف حزب الله الذي يجعل الاستحقاق معلقا ومؤجلا بسبب اصراره على عون وحده، وتوجسه من توقيت ترشيح الحريري فرنجية والطريقة التي أُخرِج بها.

لعل المفارقة المزدوجة التي تضاعف في اسباب تمديد عمر الشغور ان حزب الله لا يزال يرفض عودة الحريري الى السرايا، مقدار رفض الحريري وصول عون الى قصر بعبدا. من دون تلك او هذا يرقد الاستحقاق طويلا.