مع إنجاز اللوائح والتحالفات الإنتخابية، بدأت تتضح صورة المنافسة وشكلها وطبيعتها في الأسابيع المقبلة الفاصلة عن موعد الإنتخابات النيابية، فيما سلكت الحملات الإنتخابية مساراً تصاعدياً في الخطاب والشعارات والحملات، تزامناً مع موجة توقعات مبالغة في السلبية والتشاؤم، وأخرى مبالغة في الإيجابية بالنسبة للمرحلة التي ستأتي بعد 15 أيار، ولكن من دون أن تتبلور ماهية وخطط المواجهة لهذين السيناريوهين اللذين يتمّ التداول بهما في الصالونات والمجالس السياسية المغلقة ووراء الكواليس، حيث أن يوم السادس عشر من أيار سيكون يوم الحسم وليس يوم الإنتخابات. في المقابل، تخفّف مصادر نيابية مطلعة من حجم التوقعات والتصورات المعدة سلفاً للإستحقاق الإنتخابي والمرحلة التي ستليه ، بصرف النظر عن الإنتخابات وتفاصيلها.
وقياساً على ما يجري التداول فيه من أخطار ومخاوف متراكمة جراء الأزمة المالية والواقع الإجتماعي المأزوم، ترى المصادر النيابية نفسها أن المبالغة في التوقعات، لا تخدم الواقع كما المصلحة العامة، خصوصاً وأن مرحلة ما بعد الإنتخابات لن تختلف عن المرحلة الحالية ، على وجه الخصوص بالنسبة للواقع المالي والإقتصادي، فالوضع لن يبقى طبعاً على ما هو عليه كون المؤسسات الدستورية سوف تتفرّغ لمواجهة الأزمات، ولكن من دون أية حلول سحرية طبعاً، كما أن التغيير الذي تعد به غالبية القوى السياسية المتنافسة في الإنتخابات النيابية، لن يتحقق في اليوم الذي يلي يوم الإنتخاب.
وبالتالي، وبعيداً عن الإدّعاء بالقدرة على إحداث انقلاب في المشهد العام، وفي مقاربة ما انتهت إليه الإحصائيات المحايدة، يمكن القول إن تعدد لوائح قوى ومجموعات الحراك المدني وانتفاضة 17 أيار، سيساهم في التخفيف من حجم وفاعلية وقدرة هذه المجموعات على ترجمة وعودها الإنتخابية إلى واقع، لسبب بسيط وواضح، وهو العجز حتى اليوم عن تبنّي مشروعٍ واحد للإنتخابات وتشكيل لوائح موحدة لخوض السباق الإنتخابي في كل الدوائر على حدّ سواء.
وإلى هذه المعطيات وبالإستناد إلى السيناريوهات السلبية والإيجابية المتداولة حول الإستحقاق الإنتخابي المقبل، تستبعد المصادر النيابية المطلعة نفسها، أن يكون المشهد الداخلي معلوماً وواضحاً منذ اليوم، وإن كانت لا تبدي ارتياحاً لبعض التحالفات غير المألوفة في بعض الدوائر والتي تنذر بمواجهات قاسية ومنافسة غير اعتيادية وداخل اللائحة الواحدة وبين مرشحي الحزب الواحد أو التيار الواحد والتنظيم الواحد.
وانطلاقاً من هذه المخاوف، تكشف المصادر نفسها، عن تعدد الإستحقاقات التي ستلي خطوة تسجيل اللوائح وإعلان التحالفات والإصطفافات، وبدء الســباق بشكــلٍ رسمي، لافتةً إلى أنه ما زال من المبكر الدخول في أية ترجيحات، في ضوء عمليات المصالحة وغــسل القلوب الجارية بين أطراف سياسية بارزة، وهو ما يمهّد لحصول تغييرات «نوعية» في المزاج الشعبي العام، مما قد يؤثر على نسبة المشاركة في بعض الدوائر، وبالتالي من الصعب التكهن ورسم سيناريوهات في كل الأحوال.