ثمة محاذير شديدة الالتباس يتعين على “تكتل التغيير والاصلاح” ان يحسبها بدقة في حملته التصاعدية لرفض التمديد للقيادات الامنية والعسكرية بعد ٢٥ أيار المقبل تحديداً. هذا الموعد لا يقدم ولا يؤخر واقعياً في مسار ازمة الفراغ الرئاسي لان كل يوم بعد شغور الرئاسة منذ سنة كان دستوريا بمثابة ٢٥ أيار. لكنه سيغدو موعدا بسيكولوجيا خطيرا في وجدان مسيحي ولبناني أعم ويرتب تالياً حسابات استثنائية جراحية ولن يعود بعده كما قبله. نقول ذلك ونحن لا ننكر على “تكتل التغيير والاصلاح” حقه في المطالبة بالتعيينات لانه الموقف المبدئي الاسلم لو لم يكن مشوبا بالتداخل الذي يستحيل تجاهله بين العوامل الشخصية والجهوية في حملة التيار العوني لايصال زعيمه الى الرئاسة وأحد الضباط الكبار من لدنه الأقربين الى قيادة الجيش. هنا تماما تقف نقطة المراجعة الحتمية للمحاذير الوافدة في ظل ما يخشى ان يرتد على الواقع العوني وعبره المسيحي من تداعيات ان تعذر اجتراح مخارج مبتكرة للمأزق والتي كان يفترض اساسا ان يحسب لها صاحب الحملة فلا يأسر نفسه مسبقا عند سقف يصعب التراجع عنه او الصعود الى شواهق رؤوس الشجر بما يتعذر معه النزول منها من دون إصابات بليغة.
والحال ان ثمة ما يثير الشكوك في معنى ان يحصل الفريق العوني على تفويض مطلق من حليفه الأوثق “حزب الله” في معركة التعيينات بعد الرئاسة فيما الحزب غارق حتى العظم في معارك القلمون وسواها. معنى ذلك بعد ٢٥ أيار المقبل ان الحزب سيتكئ على حسابات حليفه في اي خطوة قد تؤدي الى تقويض الحكومة ما دامت معادلة التفاهم الثنائي تملي التغطية المتبادلة. ولكن غطاء عن غطاء يختلف، ورفض التمديد وتهديد الحكومة كاحتمال يلوح من الان في حال سد المسارب على التسويات الواقعية ولو مؤلمة يعني تحميل الفريق العوني لا سواه من حلفائه مباشرة التبعة الكاملة عما سيؤول اليه انهيار آخر معقل دستوري هو الحكومة. ومع ان احداً لن يسلم من تبعات هذا المنزلق، فإن الجميع سيخبئون رؤوسهم في غمامة العاصفة العونية ويحملونها التبعة.
ثم ان الغلو التصاعدي في إنكار “شرعية” قائد الجيش الحالي كوسيلة لتبرير رفض التمديد له سيستتبع بعد 25 أيار خصوصاً مزيداً من التحسب لاسقاط “الموقع الثاني” الماروني بعد الرئاسة اذا استحال التعيين لان ذلك سيحسب على التكتل المسيحي الاكبر وسيحمل تبعا لذلك تبعة اسقاط الموقعين الاول بتعطيل الانتخابات الرئاسية والثاني باعتماد سابقة قد تتهدده بالفراغ او ملء الشغور بكسر العرف التاريخي الطائفي.
بين هذا وذاك أليس مثيراً لكثير من الريبة والمحاذير الاخرى زج ملف الهرمية العسكرية والامنية في اليوميات بهذا الاستسهال؟