Site icon IMLebanon

انتخابات أيار تحت تقاسم النفوذ بين المنطقة الوسطى والحرس!

 

 

خارج الأرقام والأوهام والمواعيد الحاسمة

 

ثمة أشهر قليلة فاصلة عن شهر أيار، الذي هو بالطبع، شهر استحقاقات واستذكارات ومحطات، وهو يلي شهر الصيام المبارك، والمعاني التي سيحملها لهذا العام، مثل كل الأعوام، وذلك بعيداً عن مشاحنات الموازنة، وتصرف فريق يقبض على السلطة منذ 5 سنوات، لكنه، وهو يتصرف بدفن رأسه كالنعامة في الرمال، أو على طريقة عنزة، ولو طارت. فمثلاً يريد سلفة للكهرباء، متى شاء، ومتى طالب، بعيداً عن كشف الملفات الكارثية، ذات الصلة، بالهدر الحاصل في المؤسسة، والتي أوصلت التغذية في أوقات عدّة من السنة الماضية وما سبقها، وحتى السنة الحالية إلى صفر تغذية، ولأيام متتالية.

 

حسناً، فعل الرئيس نجيب ميقاتي مثله كمثل معظم الوزراء، بعدم وضع السلفة المليارية، ضمن مواد الموازنة، وهي بالغة الإرهاق للخزينة، والاتجاه الجديد لفصلها عن مسار المناقشات، على أن تذهب إلى المجلس النيابي (أي خطة الكهرباء) بموجب مشروع قانون خاص يربط التمويل بالتغذية والإصلاحات، على أن تخضع العملية لتوازن دقيق بين الاستهلاك والمداخيل وصولاً إلى صفر عجز في المؤسسة، وإلَّا المعادلة، كما طرحت تصبح صحيحة: كهرباء 24/24 أو لا كهرباء.

 

بالطبع الكهرباء، هي واحدة من استحقاقات الفصل في الأشهر القليلة الفاصلة عن استحقاق أيار الإنتخابي، فهي تكون أو لا تكون جزءاً، من خطة الإتفاق الدولية.

 

من الإستحقاقات المقبلة مآل الموقف الدولي بعد أن أصبح وضع لبنان مدوَّلاً بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. فليس حدثاً عادياً أن يُصدر بياناً مجلس الأمن الدولي، يربط فيه ما بين تمويل صندوق النقد الدولي والإصلاحات اللبنانية، في بنية النظام وترتيباته، وأوضاعه..

 

يعني هذا أن لبنان ليس متروكاً لقدره، فعند حدوده البحرية تتجمع جملة مصالح جيواقتصادية وعند تقاطعات حدوده الجنوبية والشرقية والشمالية تتجمع جيوش الأرض، في البر والبحر والجو، حماية لمصالح مقبلة أو راهنة، من النفوذ إلى عمل الشركات، واستثمار الثروات، وتعبئة الوظائف والأجندات..

 

مع موقف مجلس الأمن الدولي، تتلاحق الأحداث ذات الصلة، فالبيت الأبيض، يعلن مقتل أبو إبراهيم القرشي زعيم تنظيم القاعدة في المنطقة، وفي منطقة ادلب تعتبر في حماية القوات التركية، الأمر الذي يطرح أسئلة عن حدود التعاون الدولي والإقليمي، في مكافحة ما تسميه الولايات المتحدة الأميركية «مكافحة الارهاب».

 

من المؤكد أن مقتل خليفة البغدادي، على أرض الشام، يحمل في طيّاته رسائل متعددة، فهو يأتي بعد مقتل اللواء الإيراني قاسم سليمان والمسؤول العسكري في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في غارة قبل أكثر من سنة على أرض مطار بغداد الدولي.. يحمل في طيّاته إنذارات لبنانية، بأن العمليات الأمنية الأميركية، التي تحظى بمباركة دولية ربما لا تستثني البلد، وبعض قياداته العليا من محاولات أو عمليات اغتيال!

 

هنا، تتخذ الأحداث أبعاداً خطيرة، فمن استحقاقات الأشهر المقبلة، كما تنذر المؤشرات، تزايد التدخل الأميركي الأمني وربما العسكري في ترتيبات المنطقة.

 

وهنا تدقق الجهات المعنية بمعلومات نشرتها «المجلة الإخبارية» عن إجراءات أميركية، وصفتها «بالمريبة» في قاعدة حامات الجوية، وهي- حسب المجلة – تقع في المنطقة الشمالية للبنان فوق «رأس الشقعة»، وعلى ارتفاع 300م عن سطح البحر، أما محيط القاعدة الجغرافي، فهو من البيئة السكانية المناوئة لحزب الله، وهو عبارة عن «مربع أمني عسكري بامتياز»، حيث ينتشر فيها نقاط تفتيش ودوريات، تابعة لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات،- والكلام دائما «للمجلة الإخبارية».

ad

 

وتكشف معلومات المجلة عن أن وفوداً رسمية أميركية، تزورها، وهي مدينة عسكرية مثل وفود الكونغرس وقادة في المنطقة الوسطى الأميركية، حتى أن السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، زارتها خلال ك2 الماضي ثلاث مرات.

 

المهم في الأمر، أن لبنان داخل بقوة ضمن مهام وأنشطة قيادة المنطق الوسطى الأميركية. هنا، تجدر بالاشارة إلى المعنى الذي يصبح مستساغاً بالنسبة لمدلولات المعلومات عن منطقة أمنية شمالية تمتد من بيروت إلى محافظة عكار الشمالية عند حدود سوريا، تخضع لخطة بعيدة عن حزب الله، وتؤسس لتوازن مع النفوذ الإيراني- الشيعي المتنامي في جغرافيا حول هذا الانتشار من آسيا الإسلامية إلى الشرق الأدنى العربي، مروراً ضمناً بعاصمة المحور «ايران».

 

كل ذلك، بمعزل عن المفاوضات الجارية في فيينا حول الملف النووي الإيراني، الذي تسوده تجاذبات مرحلة ما بعد التفاهم، وهو المرجح، على مرحلة، ما بعد اللاتفاهم، وهو المستبعد.

 

ولكلا الاحتمالين انعكاسات مباشرة على لبنان، لا سيما في ما خص مصير حزب الله الذي يخضع لعقوبات بالجملة، أو كما يقال ع الطالع وع النازل، تتعلق بمحاولات مستميتة لتخفيف منابع «قوته المالية المستعصية على الفهم الأميركي، باعتبارها من «الدولار الأميركي» الذي على تدفع رواتب المقاتلين في حزب الله، فضلاً عن المدنيين في المؤسسات التعبوية على المستويات كافة..

 

بهذا المعنى أيضاً تحتل المفاوضات حول ترسم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية أهمية أكثر من استثنائية، باعتبارها واحدة من أبرز الاستحقاقات ذات الصلة بالمعونات الدولية المالية للبنان، ولو على شكل قروض ميسرة من البنك الدولي أو سواه.

 

شهر أيار شهر الاستحقاقات الكبرى في عواصم العالم، وعواصم الإقليم ذات التأثير، بما في ذلك العواصم العربية ذات الفعالية، أياً كان حجمها أو مداها.. بما في ذلك ورقة المبادئ العربية، لإعادة بناء الثقة بين لبنان والمجموعة العربية، لا سيما دول الخليج العربي، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية..

 

إذاً، وبصرف النظر عن مشروع قانون الموازنة التي تناقش في ظروف بالغة التعقيد، وشديدة الضغوط المحلية، رفض الضرائب، والمطالبة بالتقديمات الاجتماعية، وتوفير الدعم للدواء، في ظل نقص متزايد في المحروقات، وارتفاع في أسعارها، وصرخة المواطن، سواء أكان موظفاً، أو متقاعداً، أو أي أمر آخر.. من زاوية فقدان 90٪ من قيمة الرواتب و85٪ من قيمة الودائع، و60٪ من قيمة العقارات، وحرمان نسب ضخمة جداً من الإنارة والتدفئة.. في ظل انكماش اقتصادي مخيف.. وغير مسبوق، أخذ لبنان إلى أسفل القائمة بين الدول المنهارة عالمياً، لدرجة انتقال التشبيه من «سويسرا الشرق» إلى الصوملة، أو «فنزويلا» ذات السلطة البيغارية التي كادت تخنق شعبها وسط ضغوطات أميركية قوية، كالتي تجري ضد لبنان.

ad

 

من هذه الزاوية بالذات، يصبح الاستحقاق الانتخابي مختلفاً عن سواه، هو أيضاً قد يشهد صراعاً غير مسبوق بين ارادات إقليمية ودولية، ضمن توازنات المشهد المقبل على مسرح عمليات «الكر والفر» الدولية بين العمالقة في الاقتصاد، من الولايات المتحدة إلى النمر الروسي، والنمر الآسيوي الأضخم في آسيا البعيدة، أي الصين.

 

ربما قال قائل: إلى هذا الحدّ يتداخل استحقاق أيار الانتخابي، مع تشابكات الصراعات ونقاط النفوذ؟

 

الإجابة، ببساطة، نعم، وربما أشدّ مما هو متوقع: حزب الله يريد إعادة إنتاج الأكثرية النيابية، سواء ترشح للانتخابات الرئاسية جبران باسيل أو سليمان فرنجية، والسفيرة شيا، التي كانت الأسبوع الماضي في ضاحية «حزب الله» تريد الأكثرية النيابية، سواء ترشح جعجع أو سواه، لكبح جماح الحزب وقتل نفوذه اللبناني القوي!