Site icon IMLebanon

سامَحكُم الله

10 سنوات مرّت على محاولة إغتيالي في 12 تموز 2005. إلتزمت الصمت لكي لا يُفسِّر البعض يوماً أنني أردت المتاجرة بدمي لغايات سياسية.

بعد التأمّل في السنوات الـعَشر، توصّلتُ إلى خلاصات أردت مشاركتها مع اللّبنانيين، حلفاء كانوا أم خصوماً.

– أولاً، تحية شكر ومحبة وتقدير لكل صديق ذكرني في هذا اليوم، بمقال أو كلمة، أو إتصال أو رسالة.

عِشنا في لبنان أبشع أنواع الإغتيالات، من الصديق مروان حماده الذي نجا بأعجوبة، إلى الرئيس رفيق الحريري، والحبيب جبران تويني وأخي بيار الجميّل وأختي مي شدياق التي نَجت مِن التفجير مثلي ، إلى اللواء وسام الحسن، واللواء فرنسوا الحاج، وجميع الشهداء. أقول لهم ولعائلاتهم وأولادهم ومحبّيهم، وإن مُتنا سيحيا لبنان.

– لم يكتفوا باغتيال الجسد. واصلوا اغتيالات معنوية عنوانها: إن قتلناك، سنُكمل المسيرة بِقتل سُمعتك وسُمعة أولادِك، بالشتائم والشائعات في بعض الإعلام الحاقد، وبعض الأقلام المأجورة التي تعمل في كواليس خلايا أمنية.

وكانوا يقولون في أوكارهم المظلمة، للذين نجوا كالوزير مروان حمادة والصديقة مي شدياق وأنا: إذا أراد الله أن يحميكم، فسنقتل سمعتكم كل يوم بالدسّ والتضليل. وبين التشهير في الكرامات وبين الموت، الموت أشرف.

منذ العام 2000 لمّا تولّيت مسؤولية وزارة الداخلية، ثم وزارة الدفاع، حتى اليوم في مؤسسة الإنتربول:

– كافحنا المخدرات وأوقفنا 5000 تاجر مخدّرات لنحمي أولادنا.

– كافحنا الجريمة المنظّمة بكل أشكالها. حاربنا «القاعدة» منذ العام 2002 حين كان البعض يتّهمنا بعدم صحة معلوماتنا بوجود تكفيريّين في لبنان، وإن كل هذا عراضات إعلامية، فلنرَ اليوم إذا ما كانت عراضات إعلامية؟

ولعل المفارقة بيني وبين هؤلاء البعض، هي أنهم يحاولون تحويل عملي في 2002 إلى عمل بطولة لهم في 2015 مع فارق في بعض التفاصيل التي يمكنها تضليل الرأي العام (كما هي عادة هذا البعض)، مكتفين بالقول إن الياس المر أوقف شبكة عنجر وفي حوزتها كمّ كبير من المتفجرات وكان هدفها تفجير السفارة الإيطالية في بيروت.

صحيح هذا الواقع، لكنه مُجتزأ، كالذي يكتفي بقول «لا إله»، ولا يكمل «إلا الله». يتناسون أن هذه الشبكة كانت في منطقة تحت سيطرة شخص (واسمحوا لي أخلاقياً أن لا أتكلم أو أشهّد الموتى)، وهذه المنطقة اللبنانية الأصيلة عاشت 30 عاماً، ولم تتمكن نملة أن تتحرك فيها أو تتنفس من دون إذن أو «قبّة باط».

– في محاربة عبدة الشيطان، تلقّينا كل أنواع الشتائم والإتهامات بأننا نقوم بعراضات أيضاً وأيضاً، حتى قامت هذه المجموعات التي كانت تُدار من مخابرات عدوّة بقتل راهبة والتشنيع بها، بما لا يصدقه عقل إنسان، فأوقفناهم في ليلة واحدة وكانت الإعترافات.

لن أطيل بسرد كل العمليات التي قمنا بها بقدرة قوى الأمن الداخلي ليصبح لبنان مصنّفاً عام 2003 أول دولة آمنة في العالم.

– أما في وزارة الدفاع عام 2006 فقام الجيش بواجبه في الدفاع عن الوطن كما المقاومة، وقمت بواجباتي كوزير للدفاع بتأمين الغطاء السياسي للجيش للدفاع عن الأرض والدولة. وقد شاركت وقمت بتنفيذ القرار الدولي 1701 الذي ينعم به لبنان وأبناء الجنوب حتى الآن.

وعندما انتهت الحرب، بدأت حملات التخوين والترهيب، لماذا؟

لأنني لم أستقِل من الحكومة حين غادرها البعض بسبب المحكمة الدولية لإسقاطها، ولأنني كنت في ذلك الحين أرى أمامي مرحلة خطرة سوف يُواجهها لبنان وهي حرب نهر البارد.

وفي حين أعلنتُ خوضنا هذه الحرب في وجه الإرهاب التفكيري آنذاك، تخطّيت الخطوط الحمر حينها لأقوم بواجبي خوفاً من أن نصل إلى اليوم الذي وصلنا إليه، فبدأت محاولات القتل من جديد: قتل السمعة وقتل الكرامات.

نجح الجيش في نهر البارد على الإرهاب ودفعَ ثمناً باهظاً، فقدّم 200 شهيد ومئات الجرحى ليحيا لبنان. وما هي محاولات قتل السمعة والتشهير التي تعرّضنا لها بالنسبة إلى تضحيات الجيش؟

– وما بين «البارد» حتى تطيير حكومة الرئيس سعد الحريري الصديق الوفي، التي كنت فيها نائباً للرئيس ووزيراً للدفاع الوطني ومرحلة الـ«س – س» كانت محاولات الإغتيال قائمة تحت شعار: إذا ما قتلناك .. سنقتل سمعتك وسمعة عائلتك.

– وأخيراً وليس آخراً، عند انتخابي رئيساً لمؤسسة الإنتربول العالمية بالإجماع، وهذه المهمة تخدم لبنان وسمعته وأمنه وقضاءه ومعارفه كما أمن وقضاء دول العالم، فإذا بمجموعة الغرف السوداء نفسها تجهد لتحويل اللبناني الياس المر من رئيس مؤسسة أمنية وقضائية عالمية إلى أمين صندوق، وتهميش المركز، فيما كنت أتلقّى برقيات التهاني من دول وزعماء العالم.

مرة أخرى حاولوا إغتيال السمعة والكرامة، ونسوا أن هذه المؤسسة العالمية هي لهم أيضاً كما لكل اللبنانيين، لكن حقدهم قادهم حتى لمحاولة تدمير ما يمكن أن يستفيد منه لبنان وهم أيضاً.

وعلى رغم ذلك أقول اليوم لكل اللبنانيين وهم من ضمنهم:

عذراً لسردي بعض الوقائع، وتأكدوا أنني لم ولن أمنّن أحداً. لقد قمت بأقل من واجبي تجاه وطني لبنان والعالم العربي. وقد أعطيت هذا البلد كل ما عندي حتى دمي. وسأكمل مسيرتي وأعمل بقناعاتي حتى آخر لحظة من حياتي.

الخلاصة الأهم اليوم أن المنطقة في خطر. العالم أجمع في خطر. ولبنان في خطر. خطر سنواجهه لـ5 سنوات مقبلة على الأقل (واعذروني على هذه المعلومات المتشائمة). الخطر سيضرب أينما كان، وفي أي وقت كان.

علينا أن نتماسك، ونتعالى عن المصالح الخاصة، والوقوف الى جانب الدولة والجيش، وعلينا أن نكون طائفة واحدة ومذهباً واحداً، فإذا تمكنّا من أن نكون كذلك، نتمكن من مواجهة ما هو قادم على لبنان والعالم.

بعد 10 سنوات على محاولة إغتيالي، خلاصتي هي: سامحهم يا الله على ما فعلوه بنا وما يفعلونه. سنكون إلى جانبكم مهما فعلتم. سامحكم الله. ليحيا لبنان.