بما يُخالف كلَّ التوقعات، إندلعت الحرب في الخليج، وقرر مجلس التعاون الخليجي، الإستجابة إلى نداء الرئيس اليمني باستعادة الشرعية في اليمن.
حين يُتَّخذ قرار في مجلس التعاون الخليجي بهذا الحجم، فهذا يعني أنَّ تحوُّلاً كبيراً كان سيحدث في المنطقة، لكنَّ الدول الشقيقة منعته وحالت من دون قيامه.
ما حدث من تدخُّل بدأ يُظهر أنَّ دول الخليج قادرة على اتخاذ المبادرة لحماية استقلال المنطقة، إذ ليس قليلاً أن يحدث ما حدث في وقتٍ كانت كلُّ التوقعات تتحدث عن مساعٍ للتهدئة عشية القمة العربية التي ستنعقد غداً وبعد غد في شرم الشيخ في مصر.
قرارٌ حكيم اتُخِذ على مستوى الدفاع عن الشرعية في اليمن، فبدلاً من أن تكون دول الخليج في موقع الدفاع في القمة، فإنَّها ستكون في موقع اتخاذ المبادرة للحفاظ على الشرعية في اليمن.
***
إنه لقرار حكيم وشجاع الذي اتّخذته الدول الخليجية بالأخص الإمارات العربية المتحدة، بالتدخل عسكرياً لدعم الشرعية في اليمن، ولحسم الموقف في البلد الذي يتعرَّض لمحنة متمادية بسبب التدخلات الإقليمية والخارجية، ومن يدفع الثمن هو شعبه والدولة اليمنية من أمنها واستقرارها، على أيدي جماعة ضد الحضارة والتطور، وتقود إنقلاباً على الشرعية بقوة الغوغاء والفوضى. وهذا التدخل الخليجي في اليمن يحظى بمباركة الشعب اليمني وكل المعتدلين في العالم العربي للقضاء على الفوضى والتطرف، كما يحظى بدعم المجتمع الدولي.
***
هذه المواكبة تُظهِر أنَّ لا شيء في لبنان، ولو كان الأمر غير ذلك لكان الرئيس الحريري في بيت الوسط، لكنه زار أنقرة حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مدى ساعة ونصف الساعة، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره الاعلامي هاني حمود، حيث تمَّ التطرق إلى ضرورة توحيد الجهود المبذولة لمواجهة المخاطر التي تهدد المنطقة، ولتدعيم غالبية الإعتدال في العالمين العربي والإسلامي ثم العودة إلى الرياض مجدداً.
***
لبنان في الظروف العربية يكاد يكون منسياً، ولا يُعرَف ما إذا كانت هذه الحال إيجابية أو سلبية. تبقى العبرة في ما يمكن أن يتحقق في القمة العربية بعد تبدُّل المعطيات على الأرض في اليمن، خصوصاً أنَّ التدخل الخليجي جاء فعالاً جداً، وسلاح الطيران في كلٍّ من الإمارات والكويت والبحرين والسعودية وقطر، حقق نتائج فعالة جداً وبدأ بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل سيطرة الحوثيين.
***
تأسيساً على كلِّ ما تقدَّم فإنِّ التطورات في لبنان، بعد حرب اليمن، لن تكون كما كانت قبلها، هذه الحقيقة يجب أن تكون أمام أعين المسؤولين ولا سيما من هم في السلطة التنفيذية، فالحكومة يُفتَرض أن تُعدِّل في أدائها ليكون مواكباً للتطورات المتسارعة، وما لم تقُم بهذا التعديل فإنها ستكون في وضع متأخِّر عما يجري في المنطقة وعن نتائجه.