Site icon IMLebanon

«إنقاذ أرزاق» الحدود: نحو تعميم تجربة ميس الجبل؟

 

 

في ساحة بلدة شقراء، اصطف السبت الماضي طابور من أكثر من ستين شاحنة سارت خلف دورية للجيش اللبناني، في ظل تحليق لطائرات العدو الحربية ومسيّراته التجسسية، باتجاه بلدة ميس الجبل لإخراج بضائع تجّار البلدة الحدودية ونقلها إلى مناطق أكثر أمناً. العملية التي نظمها الجيش اللبناني بالتنسيق مع قوات اليونيفيل، وفقاً لبرنامج معدّ مسبقاً بالأسماء والمواقيت، جاءت بعد مساع حثيثة لبلدية ميس المشهورة بعمل أبنائها في تجارة الأدوات المنزلية. وهي ستستمر طوال الأسبوع الجاري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت عشرات المؤسّسات والمحال على طول الحدود الجنوبية.

في أحد مستودعات السجّاد، كان العمال يسابقون الوقت المتّفق عليه لإخراج ما تيسّر من البضاعة. ويقول أحد التجار إنه استأجر مستودعاً في بيروت لينقل إليه بضاعة «فرع ميس» كـ«إجراء مؤقت إلى حين العودة بعد انتهاء العدوان». ولأن الكميات ضخمة ولا يمكن إخراجها كلها، «نقوم باختيار البضاعة التي يمكن أن تُصرّف في هذا الموسم كالسجاد والحرامات والأدوات المنزلية والكهربائية والمواد الغذائية».

غير أن عملية النقل لم تنسحب على جميع أصحاب المؤسسات، كمختار البلدة حسن قبلان الذي يملك معملاً ومعرضاً للمفروشات. إذ إن «بدل الإيجار المرتفع الذي سأدفعه سيكون أقل من حجم المبيع في هذه الظروف، لذلك أفضّل إبقاء بضاعتي حيث هي والمسلّم الله».

من الطبقات الثلاث الضخمة، لم يخرج إبراهيم هزيمة سوى حمولة ست شاحنات، فـ«نحن لا نريد إفراغ مؤسساتنا، وأساساً يلزمنا شهور وليس أيام لفعل ذلك، بل نعمل على نقل جزء من البضاعة لبيعها في أسواق أكثر أمناً بدلاً من تكدّسها وتلفها. وهو إجراء مؤقت إلى حين العودة».

وأوضح رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير أن إخراج البضائع من بعض المؤسسات «ليس جديداً. بل كان يحصل بشكل فردي، منذ بداية العدوان كلما سنحت الفرصة لأصحاب المؤسسات، قبل أن يتوقف الأمر نهائياً بعد استهداف العدو لعائلة كانت تخرج محتويات التعاونية التي تملكها بداية أيار الماضي». وقال لـ«الأخبار» إن البلدية بذلت مساعي لدى قيادة الجيش واليونيفيل لتوفير ضمانات لعملية جماعية لإخراج البضائع دفعة واحدة. ولفت إلى «تزامن بدء العدوان مع موسم بيع السجاد الذي تشتهر ميس بتجارته، ما كبّد التجار خسائر باهظة مع تكدّس البضاعة في المستودعات وتعرّض بعضها للضرر والتلف جرّاء القصف. ومع اقتراب موسم السجاد الجديد، نسعى إلى مساعدة التجار على تعويض شيء ممّا خسروه الموسم الماضي». وأشار إلى أن في البلدة 165 مؤسسة ضخمة و365 مؤسسة صغيرة وورشات صناعية، «تقدّر قيمة بضائعها المتنوعة بأكثر من مئة مليون دولار».

تجربة ميس الجبل شجعت بلديات أخرى على طلب تنظيم عمليات مماثلة. في القطاع الأوسط، يوازي سوق عيتا الشعب (قضاء بنت جبيل) أهمية سوق ميس الجبل (قضاء مرجعيون). على طول الخط العام من رميش حتى مثلث القوزح، تنتشر عشرات المحال والمؤسسات على الجانبين. وقال نائب رئيس بلدية عيتا الشعب حسن طحيني لـ«الأخبار» إنه يجري التنسيق لتأمين عملية آمنة لإخراج البضائع بمواكبة الجيش اللبناني لإنقاذها من الغارات اليومية على البلدة. وأضاف: «لا أحد يمكنه التكهّن متى ستنتهي الحرب. وحتى ذلك الحين، علينا أن ننقذ أرزاقنا ونعتاش منها حيث يمكننا في الأماكن البديلة إلى حين العودة كما فعلنا عند تحرير الجنوب عام 2000 وعقب عدوان تموز 2006». فيما أشار عضو المجلس البلدي في بلدة حولا زياد غنوي إلى أن العشرات من أصحاب المنازل والمحال يستغلون مناسبات تشييع الشهداء لإخراج بضائعه، لافتاً إلى عشرات المحال البديلة التي افتتحها أبناء حولا في الأماكن التي نزحوا إليها لتأمين معيشتهم بدل انتظار المساعدات.

 

لا ضمانات للمزارعين

 

قال رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير إن مساعي البلدية لمساعدة التجار رافقتها مساع مماثلة لمساعدة المزارعين، لكنها لم تثمر، مشيراً إلى أن 150 عائلة في البلدة تعتاش من تربية النحل، إلى جانب عشر مزارع للدجاج و40 مزرعة أبقار وعشرات مزارعي التبغ والزيتون والخضر والقمح والحبوب. وأوضح أن اليونيفيل عجزت عن تقديم ضمانات للسماح لمزارعي التبغ بغرس شتولهم ولمزارعي الزيتون بتحضير حقولهم للموسم المقبل ولمزارعي القمح بدرس بيادرهم. ولفت إلى أنه لا يزال ينتظر منح الضمانات لفريق متخصّص يحضر إلى البلدة لأخذ عيّنات من مياه المنازل والآبار الارتوازية والينابيع الجوفية لفحص احتمال تلوثها جراء سقوط 750 قذيفة فوسفورية على ميس ومحيطها وتعرّض البلدة لـ 125 غارة جوية.