في شهر حزيران من العام 1989، اصبحت جزءا من عائلة «الديار» دخلت مؤهلاً للغة، ولم يطل الوقت أكثر من شهرين، حتى انتزعني عميد «الديار» شارل أيوب، بثاقب نظره من حالة التأهيل الى حالة التحرير، وبعدها الى مسؤولية سكرتير التحرير، وسريعاً الى مدير تحرير، فنائب رئيس التحرير العام شارل أيوب، حتى انتفاء الحاجة الى خدماتي منذ حوالى السبع سنوات، حيث بدأت مرحلة التقاعد، مع الاستمرار في الكتابة للجريدة التي فتحت لي صدرها، فبادلتها حباً، وعطاء، وتعباً، وما دامت القدرة على الكتابة والعطاء موجودة، فأنا أشعر انني ما زلت جزءاً من ديار شارل أيوب، واقول ديار شارل أيوب، لأن دخوله الى عالم الصحافة في العام 1988، كان مجازفة لا يقوم بها مطلق انسان، خصوصاً بوجود مؤسسات صحافية لها عراقتها وتاريخها، فزاحمها ووصل الى قمّة الانتشار في اقل من ثلاث سنوات، وخلق امبراطورية اعلامية مؤلفة من «الديار» الأم، ومجلات اسبوعية منوّعة وملاحق، وتلفزيون واذاعة ودار من طبقات عدّة، بعدما كانت انطلاقتها من غرف قليلة ينحشر فيها المحرر مع الموظف.
ديار شارل أيوب، كانت وما زالت لجميع الناس، حتى للذين يخالفونها الرأي، وكانت وما زالت مساحة فكر حرّ، وقلم حرّ، ولا خط احمر لأحد، الا اذا تجاوز ثوابتها، اخطأت مراراً، وتراجعت احياناً، وجلّ من لا يخطئ، ومعاناة الصحافة اليوم، مثل على تراجع «الديار» بالامس، الاّ انها كانت تنهض من جديد، معتمدة لعى جذورها الضاربة عميقاً في عالم الصحافة وفي وجدان الناس.
«الديار» منذ انطلاقتها، كانت عالماً قائماً بذاته، خليطاً كبيراً من الطوائف والمذاهب والاحزاب والتيارات، يتعايش يومياً رغم الاختلاف في الرأي والموقف، حتى مع عميد «الديار»، وهذه ميزة كانت تميّزها سابقاً وما تزال، وللذين يجهلون الأمر، فان «الديار»، خرّجت العديد من الكتّاب والمحررين والتقنيين الذين تسلّموا مراكز كبيرة ومؤثرة في العديد من الصحف، وانا شخصياً افتخر بعدد منهم وبصداقتهم وبالمحبة التي ما زالت تملأ صدورهم لتجربتهم الاولى في «الديار».
في الذكرى التاسعة والعشرين لصدور «الديار»، اشارك الصديق شارل ايوب، وجميع العاملين فيها، فرحة المناسبة، خصوصاً منهم «المحاربين القدامى» الذين ما زالوا اصدقاء امس والتعب، والذين اصبحوا في عالم الانتشار اللبناني، متمنياً ان تبقى «الديار»، حاملة شعلة اللبنانية الوطنية الصافية، والحقيقة الى كل دار، والكلمة الحرّة الشجاعة في كل زمان ومكان.