IMLebanon

«أنا شامل روكز.. لن أتقاعد»

لم يكن الامر مجرّد وقفة تضامن ووفاء مع المغوار المتقاعد، أمس، لا لناحية الحشود التي تقاطرت الى ساحة الشهداء، ولا للكلمة التي ألقاها شامل روكز، ولا للمشهد الذي تلا إلقاء خطابه!

«انا شامل روكز.. لن أتقاعد». هكذا بدأ قائد فوج المغاوير السابق كلمته ثم انهاها، واعدا بأنه «سيكون بيننا أكثر من لقاء». رسائل بالمباشر اقل ما تعنيه ان الضابط، الذي بقي حتى اللحظة الاخيرة «مشروعَ» قائدِ جيشٍ محتملٍ، لن يغادر بسهولة، بعد خلعة البزّة العسكرية، الساحة السياسية.

قبل ساعات قليلة من بدء الاحتفال في ساحة الشهداء، الذي دعا اليه مناصرو ومحبو العميد روكز وفاء لمسيرته العسكرية تحت شعار «شكرا شامل روكز»، كتبت زوجته كلودين عون على صفحتها على «الفايسبوك»: «مش البدلة هيي لبتعمل الأبطال، الأبطال هني لبيعطو قيمة للبدلة.. فإنتي روحي ارتاحي، واتركي البطل يكمل مشوارو».

بالامس تسنّى لمحبّي روكز ان يكتشفوا الوجه الآخر له. الضابط الصامت تكلّم أخيرا، لكنه لم يقل كل شيء ولم يرسم خريطة طريق واضحة المعالم لما بعد التقاعد. لا يُتوقع من الزاهد بالمنابر أن يُغرِق مستمعيه بمطوّلات إنشائية تحاكي الخطابات المملّة للعديد من السياسيين. حياء في الكلام والنبرة يضبط بالطلّة المشهودة. هذه المرّة منبرٌ مفتوح للعامة وليس للعسكر. خطاب حاسم ومقتضب بـ «المدني» وليس «المرقّط». التحرّر الكامل من ضوابط البدلة لم يُعِفِ روكز من تأكيد المؤكّد «سأبقى في رحم المؤسسة العسكرية من خلال التزامي بالشرف والتضحية والوفاء والمواطنية».

مواطنون، وسياسيون، وفنانون، وعسكريون وضباط سابقون، و «عونيون»، زوجة شامل وولداه… حضور قدّر بالآلاف واكب «الجنرال» المتقاعد لتوّه منذ ساعات، في طلّته الاولى كـ «مواطن»، كما وصف نفسه، ثم حاصره بعد الانتهاء من إلقائه كلمته. حرص الضابط المغوار على مصافحة من تسنّى له مصافحته. لا مرافقون شخصيون مزعجون يعيقون اللقاء المباشر مع الناس، لذلك وجدت قبلات المؤيّدين والمحبّين مكانها بسهولة على خدّ روكز.

وحدها الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش رفعت في ساحة الشهداء، فيما تمّ تجهيز المنبر لاستقبال العميد المغوار العابر للاصطفافات السياسية والمناطق قبل وبعد التقاعد.

في مرحلة الخدمة العسكرية وفي ذروة الحديث عن تسوية قد تبقي شامل روكز في السلك العسكري، برتبة لواء، كان حتى أكثر المناوئين لهذه التسوية يحيّدون روكز، كشخص وكضابط، عن سهام انتقاداتهم. بعد الاحالة الى التقاعد بقي روكز خارج اللون السياسي الواحد بدليل الحشود التي تقاطرت الى ساحة الشهداء ومن المناطق كافة، وقسم كبير منها غير محسوب على «التيار الوطني الحر».

بالتأكيد لم تأتِ ردّة الفعل على تقاعد الضابط المغوار إلا بمقدار الآمال التي راهنت على بقائه في الخدمة من موقع «المستحق». حاذر روكز التطرّق الى ما يمكن أن يفسّر بمثابة ردّ على ما طاله بشأن تسوية الترقيات، فاتحًا باب التساؤلات حول برنامج عمله، في وقت لم يتردّد فيه العديد من الحاضرين في ساحة الشهداء أمس بترشيحه لرئاسة الجمهورية!

صحيح ان الارشيف العسكري لروكز حضر بالكثير من تفاصيله بالصور وبالتسجيلات وشرائط الفيديو خلال الاحتفال، إلا أن هيبة العميد المتقاعد بـ «المدني» فرضت نفسها من خلال التفاعل مع الجمهور الحاضر في تفصيل قد يعني الكثير لمن راهن على انزواء شامل بعد خلعه النجوم عن كتفيه.

استهلّ قائد فوج المغاوير السابق كلمته قائلا: «أنا شامل روكز، ضابط مغوار في الجيش ترقيت منذ ساعات إلى رتبة مواطن. منذ ساعات جمعت أغراضي من الثكنة، أغراضي ذهبوا وأنا بقيت وسأبقى في رحم مؤسسة الجيش».

وقال: «تستحضرني في هذه اللحظات ذكرى الشهداء وأهاليهم، وأقول لهم: أنتم القضية والأساس الذي رافقني في الجيش وسيرافقني طوال العمر».

وأكد روكز «لن أتقاعد لأن النضال وحب الوطن لا يقف عند بزة أو منصب أو وظيفة، وسأكون دائما كما عرفتموني، وبيننا سيكون أكثر من لقاء». وقال: «صحيح انني تركت المؤسسة العسكرية، ولكن اعدكم ان ابقى كما عرفتوني وسأشبه نفسي على امتداد الوطن».

وشكر فوج المغاوير ضباطا وأفرادا. وتوجّه إلى الجميع في المناطق اللبنانية من عكار إلى رميش بالقول: «تضامنكم مع الجيش كان أقوى سلاح بكل مهمات فوج المغاوير والجيش، وهذا ما يميز الجيش اللبناني عن كل جيوش الأرض، وكونوا واثقين بأن جيشنا لن يكون غير جيش الشعب».