أظن أنّ عدداً كبيراً من اللبنانيين لا يعلمون أنّ شركة M.E.A هي ملك للدولة اللبنانية، بمعنى آخر أنها ملك الشعب اللبناني ولا علاقة بملكيتها لحاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة أو الى رئيس مجلس إدارة الـM.E.A الاستاذ محمد الحوت.
لذلك، فإنّ هذه الحملة على الحاكم الاستاذ رياض سلامة، وعلى رئيس مجلس إدارة M.E.A، غير محقة، بل بالعكس فيها الكثير من التجنّي والظلم للأسباب التالية:
اولاً: بدل أن نتهم ونسلط الألسنة على الحاكم، ورئيس مجلس الإدارة، يجب أن نحاسب، أو أن يكون الطلب الى الحكومة اللبنانية، لأنها هي الوحيدة صاحبة القرار بإعفاء أو بتحديد أسعار البطاقات.
ثانياً: بدل أن يذهب رئيس مجلس الوزراء مشكوراً الى المطار، لاستقبال اللبنانيين العائدين في مظهر فولكلوري، لا يقدّم ولا يؤخر، وإن كان مشكوراً لبادرته الطيّبة، لكن كان الأهم عقد جلسة لمجلس الوزراء، لبحث موضوع العودة، وهم فعلوا، إضافة الى تحديد أسعار البطاقات، لا أن يتحملها موظف خاص هو رئيس مجلس إدارة M.E.A، فهو موظف والحاكم يكفيه الأزمة المالية، التي تعصف بلبنان والتي، تتنافس مع مرض ڤيروس الكورونا.
ثالثاً: لا أدري اننا كشعب مثقف متميّز، على عدد كبير من الشعوب العربية، بالعلم والثقافة والحريات، لا نعرف أنّ ربح شركة M.E.A هو ربح لكل لبناني، وأنّ خسارة كل ليرة لـM.E.A، هي خسارة لكل لبناني، فلماذا هذا التجنّي على رياض سلامة ومحمد الحوت مع حفظ المراتب؟!!
رابعاً: أريد أن أروي قصة وهي أنّ أربعة شبان لبنانيين، علقوا في مطار اسطنبول، ومُنعوا من دخول المدينة، ولا يستطيعون فعل شيء، واستطاعوا أن يحصلوا على طائرة لتنقلهم من اسطنبول الى بيروت، دفعوا 15 ألف دولار ثمن الرحلة، وبعد الحصول على إذن خاص من مطار بيروت وتدخل الواسطات للسماح للطائرة بالهبوط في مطار بيروت، بمعنى آخر أنّ كلفة البطاقة من اسطنبول الى بيروت دفعها كل مواطن 3750 دولاراً بينما السعر العادي للبطاقة درجة أولى 550 دولاراً «وان واي»، ودرجة سياحية بـ250 دولاراً «وان واي أيضاً».
خامساً: الظروف التي يعيشها العالم بسبب تفشي هذا المرض الخطير، ألا وهو مرض ڤيروس الكورونا والذي يعتبر كارثة لكل البشر، فهذا المرض خلق أوضاعاً إستثنائية، وبحاجة الى اتخاذ قرارات إستثنائية، وهنا تقع المسؤولية على الدولة وليس على حاكم المصرف أو مدير عام. هذه القرارات، هي بحاجة الى قرار من الحكومة.
سادساً: هل يعلم المواطن اللبناني أنّ شركة M.E.A كانت تخسر، قبل أن يتسلمها الاستاذ محمد الحوت 100 مليون دولار سنوياً، وعندما تسلمها الحوت، تحوّلت الى شركة ناجحة تعطي أرباحاً سنوية تصل الى 100 مليون دولار أميركي.
سابعاً: هل يعلم المواطن اللبناني أنّ شركة M.E.A كانت قد باعت كل طائراتها لأسباب متعدّدة وعندما تسلمها المدير العام كانت لا تملك طائرة واحدة، وأنها اليوم أصبحت تملك 30 طائرة جديدة.
المشكلة الحقيقية أننا أصبحنا شعباً لا يعرف مصلحته، ينتخب الزعماء الذين أوصلوا البلاد الى دين 86 مليار دولار…
شعب يختار وزراء فاشلين، همّهم الوحيد السلطة والمال، فكيف يقبل هذا الشعب أن يعيش منذ عام 1990 من دون كهرباء؟
كيف يقبل هذا الشعب أن تكون خسائر الكهرباء فقط 46 مليار دولار؟
كيف يقبل هذا الشعب أن يكون الذي تسلم وزارات الكهرباء من فريق سياسي واحد، لا يسمح أن تكون هذه الوزارة إلاّ ملكاً له؟
كيف يقبل هذا الشعب أن نكون أكثر شعب يورّث حكامه من الأب الى الابن الى الروح القدس؟
الحل أن يكون التغيير مبنياً على العقل وليس على العواطف، ولا على النعرات الطائفية، وليس أن نقول هذا مسلم وهذا مسيحي.
الإختيار يجب أن يكون للأفضل، وعندما نختار الأفضل يعود لبنان كما كان في الستينات والسبعينات… جامعة العرب، مستشفى العرب، فندق العرب، ونعود ونتكل على السياحة العربية ولا نعادي إخواننا العرب.
وهنا كيف نطلب من المواطن السعودي أن يأتي الى لبنان بينما أحد زعمائنا كل أسبوع، يتحفنا بخطاب ناري، يقول فيه: الموت لآل سعود.
وإذا أخطأ وجاء المواطن العربي الى لبنان فإنّ أوّل ما يقابله عند خروجه من المطار صورة أكبر من ساحة المطار عليها صورة خامنئي، وأعلام إيران من المطار الى صيدا وصور.
وتريدون سياحة؟ فأي نوع من السياحة تريدون؟
أخيراً، تذكرت وأنا أتابع الحملة الظالمة على سلامة والحوت، قصة: ان مجموعة من مواطنين لسوء الحظ كانوا عمياناً، جاءهم مولود ذكر مفتّح والحمدلله، أي يستطيع أن يرى، فظلوا يلعبون بعيونه ويبدون فرحتهم به، حتى فقد نظره… وهكذا نحن، نهاجم الشركة الناجحة ونتمنى أن تكون شركة فاشلة.