الحرب على داعش بدأت، وأحدث ترجماتها ضربات أميركية جوية على مواقع هذا التنظيم في سوريا، بعدما كانت الضربات قد بدأت على مواقعه في العراق.
ارتدادات الحرب على لبنان ظهرت من خلال الأحداث التي وقعت في بلدة عرسال، ولا تزال، ومضاعفاتها تمتدُّ من تلك المنطقة وصولاً إلى تركيا وقطر حيث الوساطات تتحرَّك لإطلاق العسكريين المخطوفين.
لبنان الرسمي يقف شبه عاجزٍ حتّى عن مواكبة تلك التطورات، فكيف بمعالجتها؟
لكن السؤال:
هل هو عاجزٌ أيضاً عن معالجة ملفات لا تحتاج إلى وساطة تركية أو قطرية، ولا تنتظر إنتهاء الحرب في سوريا أو الحرب التي يشنُّها التحالف الدولي على تنظيم داعش؟
إنَّها حربُهُ على التقنين والتعتيم والظلام، فماذا سيفعل في مواجهتها؟
وإلى متى سيستمرُّ العجز؟
بالأرقام:
هناك في لبنان ما يقارب المليون والثلاثمئة ألف منزل يتزوَّدون بالكهرباء، ولأنَّ وضع المؤسسة في حال يرثى لها بسبب السياسيين وليس بسبب إدارتها، فإنَّ ما يُدفَع لأصحاب المولِّدات يقارب المليارَي دولار، هذه المليارات تذهب من طريق مؤسسة الكهرباء.
المؤسسة بدورها تُزوِّد اللبنانيين بالكهرباء بأقلّ من الكلفة، ما يؤدي إلى خسارتها سنوياً نحو مليارَي دولار أيضاً من فروقات الأسعار.
هذه المعضلة أو الدوامة مرشحٌ لها أن تستمر بسبب الإعتبارات التالية:
ليس هناك في الأفق ما يشير إلى أنَّه بالإمكان الإستغناء عن المولدات الخاصة، ما يعني أنَّ المليارين اللذين يُدفعان سنوياً سيبقيان عبئاً على المواطنين، ولن يدخلا إلى خزينة مؤسسة الكهرباء.
وليس في الأفق ما يشير إلى أنَّ مؤسسة كهرباء لبنان سترفع التعرفة، ما يعني أنَّها ستبقى واقعة في عجز وفي خسارة.
إذاً، المليارات الأربعة ستبقى عبئاً على جيب المواطن من دون أن تستفيد منها مؤسسة كهرباء لبنان في شيء، وهذه الدوامة يمكن أن تستمر وليس بالإمكان وضع حدٍّ لها، إلا بخيارٍ واحد لا ثانٍ له هو خيار الميدل إيست، فما هو هذا الخيار؟
***
كانت شركة طيران الشرق الأوسط، في حال من الخسارة السنوية المتواصِلة، إلى درجة أنَّها بلغت مرحلة الإفلاس. تمت خصخصتها، إذا صحَّ التعبير، لمصلحة مصرف لبنان، ومنذ ذلك التاريخ انتقلت من مرحلة الخسائر التي كانت تتكبَّدها إلى مرحلة الربحية، فطوَّرت أسطولها وحدَّثت طائراتها واشترت أكثر من واحدة جديدة، والفضل في ذلك يعود إلى حكمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإلى حزم رئيس مجلس إدارة الميدل إيست محمد الحوت.
ماذا يمنع مؤسسة كهرباء لبنان من أن تكون الميدل إيست الثانية؟
إنَّ مؤسسة كهرباء لبنان تبيع الكهرباء بأقل من كلفته، وتخسر أيضاً ملياراً بسبب التعليق على الشبكة الكهربائية وعدم دفع الفواتير في مناطق كثيرة، وهي كلما باعت أكثر كلما خسرت أكثر، فهل من بلدٍ في العالم في هذه المعضلة؟
لدينا أرخص كهرباء في العالم كما لدينا أقلُّ ساعات تغذيةٍ بالتيار، فلماذا لا يُعطى مصرف لبنان خصخصة هذا القطاع، فينتشل المؤسسة من الغرق الواقعة فيه وتكون الكهرباء للمواطن بالسعر الذي تتكلَّفه؟
***
لا حلَّ من خارج هذا الإطار، وإذا استمرَّت الحكومة على تردُّدِها في اعتماد هذا الخيار فإننا سنصل إلى يومٍ يكون فيه لكلِّ منزلٍ مولِّده… ونترحَّم على مؤسسة كهرباء لبنان، فهل هذا هو المطلوب؟