Site icon IMLebanon

أوضاع الناس المعيشية إلى مزيد من التراجع

 

برّادات الملاحم فارغة ورائحة الصفيحة البعلبكية إختفت

 

 

تتجه الأوضاع المعيشية التي يرزح تحتها الناس إلى مزيد من التعقيد، وسط غياب الحلول وقرب الفرج بتشكيل حكومة تنشلُ اللبنانيين من قاع جهنم الذي وصلوا إليه، حيث تُقفَل أمامهم كل ثغرات الضوء في هذا النفق المظلم، ويعيشون الخوف من المجهول والأيام القادمة التي تنتظرهم.

 

لا كلمات تصف الحال التي وصل إليها معظم الناس نتيجة تردي الأوضاع الإقتصادية وإرتفاع معدل البطالة، حيث أصبحت أكثرية اللبنانيين تبحث عن عمل، وإنخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل تحليق سعر صرف الدولار وإرتفاع الأسعار بشكل إستطرادي، حيث يقوم التجار بتسعير المواد الغذائية وكافة البضائع على سعر صرف 18 ألف ليرة لبنانية لكل دولار تحسّباً لإرتفاعه بشكل مسبق، وتحقيق أرباح إضافية على حساب لقمة عيش الناس الذين يحاربون يوماً بأكمله لتأمينها.

 

بعدما كانت اللحوم صعبة المنال على الكثيرين حين كانت اسعارها ضائعة بين المدعوم وغير المدعوم، وكان كيلو لحم البقر المدعوم 45 ألفاً وغير المدعوم 80 ألفاً، اصبحت اليوم معظم الملاحم خاويةً من زبائنها وبرّاداتها فارغة من اللحوم بعدما وصل كيلو البقر إلى 120 ألفاً والغنم إلى 150 ألف ليرة، أي ما يوازي ربع معاش موظف أو عامل يتقاضى الحد الأدنى للأجور. واعتاد المواطنون على أن تكون موائدهم ووجباتهم خالية من اللحمة وباتت مؤمّنة فقط لميسوري الحال ومن يستطيع إليها سبيلاً. وأشار صاحب ملحمة وسط سوق اللحامين في بعلبك الى “أن الإقبال على اللحمة اليوم شبه معدوم ورائحة الصفيحة البعلبكية التي كانت تفوح في سوق بعلبك منذ ساعات الصباح الباكر وحتى الثالثة ظهراً إختفت، والكراتين التي كانت تتكدّس يومياً على الطاولات بإنتظار أصحابها لم نعد نراها، والأمر يقتصر اليوم على الوافدين من خارج بعلبك والسياح، فالناس هنا لديها أولويات وتستطيع أن تستغني عن اللحمة”، وأوضح “أن الأسعار اليوم تختلف بين بائع وآخر وفي الحالتين يعجز الناس عن شرائها، فسعر كيلو لحم البقر لا يمكن أن ينزل عن المئة ألف، وأصحاب المزارع وتجار الجملة باتوا يتحكّمون بالسوق وبالأسعار، واللحمة المدعومة أصبحت في خبر كان”.

 

أسعار اللحوم والدجاج التي حلّقت من دون حسيب أو رقيب يهتم لأمور المواطنين، وصلت ايضاً إلى أسعار الخضار والفاكهة، متنفّس الفقراء، ومن لا يجد قوت يومه أو يبحث عن وجبة طعام يسدّ بها جوع عياله، فالرحمة غابت من قلوب الجميع، من تجار خضار وبائعي اللحوم على إختلافها، وأصحاب السوبرماركت التي تبيع المواد الغذائية، فهمّهم الأول اليوم تحقيق الأرباح وجمع الثروات في هذه الأزمة التي تتفلّت فيها جميع الضوابط على حساب الناس وحياتهم. ففي حين كانت البطاطا للفقراء ويشترونها بالشوال وتُعدّ منها مختلف الوجبات عندما يضيق الحال بالناس، بات اليوم شراؤها صعباً وتحتاج موازنة خاصة بعدما وصل سعر الكيلو إلى 5000 ليرة لبنانية والكرتونة مئة ألف ليرة لبنانية، ناهيك عن البندورة التي فاق سعر الكيلو منها 6000 وغيرها من الأصناف التي تستعمل في إعداد وجبات الطعام ولا يمكن الإستغناء عنها.

 

“ثمن ربطة الخبز اصبح تأمينه صعباً فكيف بتأمين الوجبة اليومية لعائلة لا يتعدّى مدخولها الثلاثين ألف ليرة لبنانية”؟ بهذه الكلمات تجيب إحدى السيدات وهي تجول على أحد محال الخضار لشراء بعض الأصناف وإعداد الطعام، ولأنّ بعض أنواع الخضار لا تتحمّل من يوم إلى آخر يضعها البائعون على رفوف جانبية وبأسعار أقل من أخواتها، وتجهد تلك السيدة في “تنقاية” رؤوس البندورة التي لا تزال متماسكةً نوعاً ما وبعض حبات البطاطا لتصنع ما تيسّر لها وعائلتها، وتشير الى “أن معظم الناس قد وصلتهم البطاقة التموينية من وزارة الشؤون الإجتماعية إلا عائلتها”، وسبق أن تقدمت بطلب منذ سنة، مضيفةً بأن الكثير من المواد الغذائية واللحوم لا تدخل منزلها منذ مدةٍ طويلة وتكتفي بما يتيسّر لها ولعائلتها، فزوجها عامل يومي لا يتعدّى مدخوله 30 ألف ليرة ولا يستطيع تأمين ما يطلبه أولاده.