“رزق الله ع أيام اللحم”، عبارة باتت مرادفة لسعر كيلو اللحم اليوم الذي تجاوز الـ50 ألف ليرة، وبات من الصعب على “الفقير” شراء أوقية واحدة. أصبح “اللحم للفرجة” ولم تؤتِ سياسة الدعم الا مزيداً من الغلاء، وأعطت كبار التجار النافذين جواز عبور الى تحقيق الارباح والتلاعب بالاسعار، على عين وزارة الاقتصاد. هي وزارة لم تقدم للمواطن الا “الكلام المعسول”، أما “المدعوم” فسُرق بتواطؤ مباشر مع الجميع. أولى بشائر رفع الدعم أتت من داخل الملاحم التي رفعت أسعاره الى 50 ألف ليرة، ومن المرجح أن يرتفع إلى 60 ألفاً في الايام المقبلة.
قضية باتت أمام المواطن كـ”بوز المدفع”، فهو يتعرض يومياً لضربات تؤثر على تفاصيل أوضاعه المعيشية و”مش عارف من وين يلاقيها” من السكر والزيت المفقودين، أو من الدجاج الذي بدأ سعره يرتفع او من اللحم الذي بات محرماً عليه، في حين تطرح الأسئلة: من سرق المدعوم وأخفاه؟ ومن تواطأ مع التجار لرفع الاسعار؟ ومن الذي يغطي السرقة الممنهجة للمواطن؟ فالحجة لا تُقتصر على الدولار المدعوم، فالمصيبة بالتجار المدعومين الذين يمسكون زمام اللعبة على عين وزارة غائبة عن السمع.
يشهد سوق اللحم اليوم خضة غير مسبوقة، بعد تعذر وجود اللحم المدعوم داخل المسالخ التي ابلغت القصابين بقرار “رفع الدعم” أي “ما في لحم الا وفق سعر الدولار الاسود”.
والملفت أن اسعار اللحوم في النبطية تخطت المعقول وكل صاحب ملحمة “وضع السعر الذين يناسبه” أما المواطن فتمّ وضعه “في غرفة الانعاش”. ووفق ياسر، احد القصابين، فإنه قبل ارتفاع السعر كان يبيع 20 كيلو في اليوم اما الآن فبالكاد يبيع 10 كيلوات للميسورين. أما بشأن محدودي الدخل، فيؤكد ياسر انهم باتوا يتمنعون عن الشراء، إذ بات الكيلو الواحد يوازي أجر ثلاثة ايام عمل.
ويبدو أن الإنفجار المعيشي بات قاب قوسين او ادنى، وسرى الحديث ان الدعم رفع أيضاً عن الدجاج والبنزين، ما يعني ان الاسعار “ستحلّق” بشكل مخيف، ويصبح من الصعب جداً على الفقراء، الذين باتوا السواد الأعظم، شراء شيء.
قبل يومين بدأت اسعار اللحوم تتدحرج نحو الخمسين ألفاً، بزيادة ألفي ليرة لبنانية كل يوم، وسترتفع أكثر إن بقيت المسالخ متشبّثة بقرارها وقف بيع المدعوم، تحت ذريعة “ما في بقر مدعوم”. وفق أحد القصابين، فإن “نكتة” المدعوم سقطت، وبانت مخالب التجار، الذين أخفوا البقر المدعوم لبيعه في السوق السوداء. ويشير صاحب الملحمة الى انه “عُرض عليه شراء 20 رأس بقر مدعوم بسعر السوق السوداء مع هامش ربح صغير، غير أنه رفض، إذ عادة ما يجري تحميل مسؤولية الأسعار الى “الدولار” وعدم فتح اعتمادات لإستيراد البقر المدعوم من الخارج، غير ان الجنحة الكبرى تتمثل بيد كبار التجار المغلولة بالفساد”، ويضرب مثلاً أن تاجراً نافذاً، إشترى 300 بقرة مدعومة، ولم يبع منها سوى 40 على السعر المدعوم، أما الباقي فيجري بيعه بسعر السوق السوداء، وهو ما حرم الفقير اليوم من تذوّق اللحم. “بلَّ” أصحاب الملاحم بطاقات الدعم التي وزعتها عليهم وزارة الزراعة، ولم يستفيدوا منها، فهي كانت، بحسبهم، “حبراً على ورق”.