IMLebanon

«آلية» أم تسوية؟

تحسَّب الدستور اللبناني لحالة شغور منصب رئاسة الجمهورية فنص على أن صلاحيات الرئيس تُناط وكالة بمجلس الوزراء خلال الفترة الانتقالية اللازمة لانتخاب الخلف. إلا انه لم يتحسَّب للحالة التي يطول فيها الشغور.

قبل اتفاق الطائف، عمد بعض رؤساء الجمهورية، تجنباً للخلل الناجم عن الشغور في تركيبة السلطة الطائفية، الى تكليف ماروني لرئاسة الحكومة خلال الفترة الانتقالية. أما بعد الطائف، فقد انصبَّ التركيز على الآلية التي يعتمدها مجلس الوزراء لدى ممارسة الصلاحيات الجديدة المنتقلة إليه.

أولى التجارب في هذا المجال كانت مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة (2007) التي كان قد استقال منها الوزراء الشيعة (والوزير يعقوب الصراف)، فاعتمدت التوافق كقاعدة لعملها، الا انها كانت تعقد جلسات خاصة لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة.

أما حكومة الرئيس تمام سلام، فقد توصلت الى إرجاء كل ما يمكن ان يشكل خلافا او اختلافاً وبالتالي إقرار كل الامور بالتوافق من دون الوصول الى التصويت على ان تحمل المراسيم تواقيع 23 وزيراً بالإضافة الى رئيس الحكومة. وفي الوقت ذاته، درجت رئاسة الحكومة على إبلاغ الوزراء جميعاً جدول اعمال الجلسات قبل 96 ساعة من موعد انعقادها.

هذه الآلية ـ التسوية التي تم التوصل اليها بداعي الحفاظ على مقام رئاسة الجمهورية وبحجة انها تحول دون الاعتياد على الشغور في موقع الرئاسة، تتجاهل بعض أحكام الدستور وتخالف بعضها الآخر.

ان الآلية التي تراعي أحكام الدستور ينبغي ان تعتمد القواعد الآتية:

– بغياب رئيس الجمهورية تُصبح لمجلس الوزراء صفة اضافية هي صفة الوكيل في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. الا ان هذه الصفة الجديدة لا تُفقده ولا تنفي عنه، صفته الاساسية كمؤسسة دستورية أناط بها الدستور السلطة الإجرائية التي ينبغي ان تتابع القيام بها تسييراً لشؤون الدولة، لاسيما وان رئيس الجمهورية يترأس جلسات مجلس الوزراء عند حضوره الا انه لا يشارك في التصويت، أي لا يشارك في اتخاذ قرارات المجلس.

– ان ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في حالة الشغور من قبل مجلس الوزراء ينبغي الا تؤدي الى الانتقاص من الصلاحيات العائدة لرئيس الجمهورية الا انها لا ينبغي ان تؤدي الى اعطاء الوكيل من الصلاحيات اكثر مما للأصيل في الدستور.

– ان صلاحيات الرئيس، في حالة الشغور، تنتقل الى هيئة دستورية، هي مجلس الوزراء، وليس الى مجموعة افراد هم الوزراء الذين يتألف منهم مجلس الوزراء، وبالتالي فإن الهيئة تمارس هذه الصلاحيات وفقاً للنظام الذي تخضع له، لا سيما اذا كان هذا النظام منصوصاً عليه في الدستور.