Site icon IMLebanon

تجارة المواعيد في “النافعة”… مرحبا مكننة

 

في حزيران 2023، بدأ تطبيق نظام المكننة في هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الدكوانة، وبات حجز المواعيد لإتمام أي معاملة في هذا الخصوص يتمّ عبر منصّة المواعيد التابعة للهيئة. ولكن سرعان ما نشأت تجارة جديدة لتتغلّب على نظام المكننة من خلال بيع مواعيد خدمات هيئة إدارة السير من تسجيل السيارات وغيرها، كون تلك المواعيد متاحة فقط خلال 3 أيام من الأسبوع، ويجب حجزها فور فتح المنصة عند الساعة العاشرة صباحاً. وكلّما ازداد الطلب على حجز المواعيد يزداد الضغط على المنصة، لتصبح الطابة في ملعب الأفراد الذين حوّلوا “شغلتهم وعملتهم” حجز مواعيد المنصّة لإعادة بيعها بأسعار تتراوح بين 20 و30 دولاراً للموعد الواحد وفقاً للخدمة المطلوبة لتصل أحياناً إلى 80 دولاراً.

 

ليس بالضرورة أن يكون تجار المواعيد أفراداً من داخل الهيئة أو مرتبطين بأحد العناصر في الداخل، بل كلّ ما يحتاجه هؤلاء هو سرعة فائقة من الإنترنت تخوّلهم ولوج الموقع وحجز المواعيد في الدقائق الأولى لفتح المنصة، قبل أن تصل إلى الطاقة القصوى للمواعيد المحدّدة يومياً والتي تبلغ حوالى 100 موعد.

 

عندما تدخل إلى موقع هيئة إدارة السير والآليات والمركبات لحجز موعد، يطلب منك إنشاء حساب شخصي يتضمّن معلومات شخصية عنك. بعدها تختار الخدمة التي تريد حجز موعد مسبق لإتمامها مثل تسجيل السيارات المستوردة الجديدة أو تسجيل السيارات المستعملة أو نقل ملكية رقم مميز، فك رهن، معاملة توقيف سيارات الإيجار، الاستحصال على رخصة سوق بدل عن ضائع، تجديد رخصة سوق… لتتفاجأ فور اختيارها بظهور العبارة التالية: “تمّ حجز جميع المواعيد المتاحة حالياً. يرجى إعادة المحاولة في أيام الإثنين، الثلثاء، الأربعاء والخميس من كلّ أسبوع”. علماً أن تلك العبارة تظهر عند كلّ محاولة تتمّ خلال الأيام المذكورة وحتّى عند موعد فتح المنصّة عند الساعة العاشرة صباحاً.

 

وبما أن المواطن اللبناني اعتاد على شراء الخدمات العامة التي من المفترض أن تؤمّن له مجّاناً، أصبح بالتالي يستسهل شراء الموعد بدلاً من ولوج المنصّة في الأيام المحددة وانتظار موعد فتحها، إن فتحت، ولحجز المواعيد، إن وُجدت.

 

في هذا الإطار، أوضح أحد أصحاب مكاتب تخليص معاملات تسجيل السيارات لـ “نداء الوطن” أن الضغط على معاملات هيئة إدارة السير والآليات لم يعد كبيراً كما كان في السابق عندما كانت آلاف المعاملات عالقة، رغم انه يتم حالياً في الأيام الثلاثة المحدّدة تخليص حوالى 300 معاملة. وشرح أن ولوج المنصّة أصبح اليوم أسهل من السابق، والمواعيد تمنح بعد أسبوع. وقال إنه أحياناً لا يتم فتح المنصّة لاستقبال مواعيد جديدة قبل تخليص المعاملات العالقة، وبالتالي، قد يحتاج حجز الموعد، ولوج المنصّة لأيام متتالية، وفي أوقات مختلفة، لكي يحالفه الحظ. مؤكداً أن بيع المواعيد لا يصنّف في إطار الفساد ولا علاقة له بإدارة النافعة، بل إنها خدمة يقدمها بعض الأفراد أو المكاتب لتسهيل الأمور على من يرغب بتخليص معاملاته من دون مشقّة استخدام المنصّة، أو من يجهل طريقة استخدام المنصّة، أو من لا يريد الانتظار وهدر وقته بانتظار فتح المنصّة. مشيراً إلى أنه يمكن لكلّ صاحب حساب أن يحجز موعداً واحداً شهرياً فقط عبر هاتفه الخلوي، وبالتالي يلجأ من يريد إتمام أكثر من معاملة واحدة شهرياً إلى شراء المواعيد لكسب مزيد من الوقت.

 

وبما أن هدف مكننة إدارات الدولة، هو تسهيل معاملات المواطنين والقضاء على الفساد أو قطع فرص قبض الرشاوى، يبقى السؤال: إن لم يكن الولوج إلى منصّات الخدمات المُمَكننة متاحاً بطريقة سهلة، لماذا تمّ إنشاؤها؟ وهل تفضيل المواطن اللبناني شراء الموعد بعشرين دولاراً، دليل على عدم إيمانه بنجاح نظام المكننة في لبنان من أساسه؟