IMLebanon

الإعلام والحدث الكبير: ما يجوز وما لا يجوز  

 

طبيعي هذا الإهتمام الذي يبديه اللبنانيون بمعركة الجرود، ما أُنجز منها وما هو برسم الإنجاز. وطبيعي جداً أن يكون الإهتمام بنسبة أعلى لدى وسائط الإعلام كلها، على خلاف منابرها من الإعلام المقروء الى المسموع وبالذات الإعلام المرئي. فالحدث كبير جداً لأنه يدور حول واقع بالغ الأهمية والخطورة. فليس بالأمر البسيط، أو المستساغ، أن تأتي شراذم من مختلف أنحاء العالم، لتقيم حالاً استثنائية مسلّحة داخل الأراضي اللبنانية وتجعلها منطلقاً لاعتداءات إرهابية على مواقع الجيش اللبناني وأيضاً الإعتداءات الإرهابية على المدنيين في لبنان… إضافة الى تجنيد المئات (على الأقل) وتزويدهم بالعدة الإرهابية من أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة… وكلها تستهدف هذا الوطن بقواه المسلحة العسكرية والأمنية، وبمدنييه خصوصاً… ناهيك بما تتعرض له السيادة الوطنية من إنتهاك مستمر منذ سنوات، ويستمر حتى الآن، وإلى إشعار آخر: أي الى حين يتم إجتناب هذه الظاهرة الإرهابية المتخلّفة من آخر شبر من مساحة هذا الوطن.

ونود أن ننوّه باعتماد الجيش عدم التسرّع وهو الأمين على أمن الوطن وسيادته وسلامته.

نقول ان هذا الإهتمام العام طبيعي جداً، وهو أيضاً مفهوم. إلاّ أن غير الطبيعي وغير المفهوم، ونزعم أيضاً أنه مرفوض بالمعايير كلها أن يتولى كلّ من ينصّب نفسه أو ينصبونه خبيراً عسكرياً أو محلّلاً إستراتيجياً، الإدلاء بدلوه في ما يزعم انه «معلومات» وأكيدة كذلك… فيرش هؤلاء، يومياً، ما أسميناه سابقاً الآراء الخنفشارية، والمعلومات السخيفة، والتحليلات التافهة وما إلى ذلك من العلك والغرغرة واللغط (…) من دون أي مرتكز حقيقي أو أي منطق عسكري.

وفي تقديرنا أنه يمكن تناول الحدث بموضوعية تقتضيها دقة المرحلة وخطورة اللحظة الحاسمة… كما أننا نرى مثل هذا الأمر يدخل في باب الأسرار العسكرية التي لا يجوز ان تكون في متناول من يشاء، ساعة يشاء وكيفما يشاء… هذا إذا كانت صحيحة ودقيقة وموثقة، فكم بالحري اذا كان الكثير منها من فبركة مصانع الحكي، وما أكثرها في هذا البلد، وبعضها يدخل في المحظور.

من هنا نرانا نلتقي مع مضمون البيان الذي أصدرته مديرية التوجيه في قيادة الجيش حول ما يُعمم في وسائط الإعلام…

ولكن السؤال الذي يطرح ذاته هو: هل يجوز عدم التعامل مع الخبر، على أهميته… وإلا فكيف يكون ذلك؟

أمامنا أمثلة عديدة من الدول العريقة في الديموقراطية، ومن ذلك أن تُعقد لقاءات، تدعو اليها وتنظمها وزارة الدفاع و /أو/ قيادة الجيش مع القيادات الإعلامية التي يجري إطلاعها على الحقائق كاملة وتحديد ما يمكن نشره وما لا يجوز تعميمه منها.

وقد يكون مناسباً أن نذكر بأن رؤساء فرنسيين كباراً أمثال ديغول وميتران وشيراك كانوا يجتمعون مع الهيئات الإعلامية والنقابية ورؤساء تحرير الصحف ومديريها، في الملمات واللحظات الحرجة، ويضعونهم في حقيقة الأمور، ويكون إتفاق على ما يجوز وما لا يجوز نشره بإسم المصلحة الوطنية العليا.