حصلَ في لبنان أنه يوم الاحد الماضي، وخلال إجراء عملية جراحية لإحدى المريضات في مستشفى بيروت الحكومي، تعرّضت لنزيف في غرفة العمليات وما لبثت أن فارقت الحياة لأنه تعذّرَ تأمين أكياس دم لها لِمَدها بالذي تحتاجه للنجاة. هذا نموذج عن خطورة الوضع الطبي في لبنان الذي بات يفتقد الى أبرز مقومات الطبابة، ألا وهي المستلزمات الطبية.
رغم بوادر الحلحلة في ملف الدواء التي تكشّفت امس الاول إبّان الاجتماع الذي عُقد بين وزير الصحة حمد حسن ونقيب مستوردي الادوية كريم جبارة، بحيث تم الإعلان عن إعطاء مصرف لبنان موافقات مسبقة لعدد كبير من شركات الأدوية السرطانية، يبدو انّ قطاع المستلزمات الطبية لا يزال متروكاً حتى الآن رغم الإعلان انّ المخزون وصل الى الخطوط الحمر.
في السياق، تؤكد نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي انّ “الأمور في القطاع تتجه نحو الأسوأ، فنحن عاجزون عن الاستيراد بسبب امتناع مصرف لبنان عن إعطاء موافقات مُسبقة تسمح لنا بالاستيراد لتأمين حاجة السوق. في الواقع انّ مخزوننا تقلّص كثيراً فنحن لدينا نقص حاد في بطاريات القلب وبأكياس الدم والحبل على الجرّار، ورغم كل التحديات التي نواجهها لم نتوانَ يوماً عن مَد المستشفيات بالمستلزمات الطبية التي لا تزال متوفرة لدينا وفق السعر المدعوم، علماً اننا حتى الساعة لم نقبض ثمنها بعد. فمصرف لبنان لم يُعط منذ 7 أيار الماضي أي موافقة لاستيراد المستلزمات الطبية ونحن نبيع ما لدينا من دون أي تطمينات من انّ المصرف المركزي سيدفع لنا لاحقاً رغم خطورة الامر لأ،نه في حال التخلّف عن الدفع فنحن 147 شركة ضمن النقابة متِّجهة نحو الإفلاس، وهذا الأمر يُعدّ سابقة خطيرة للقطاع الخاص”.
ورداً على سؤال، أوضحت عاصي انه “لا يمكن حصر نواقص المستلزمات الطبية بمرض معيّن، لأنها كل الأدوات التي تستعمل في المستشفى من الحقنة الى غرفة العمليات. وبالتالي، انّ اي نقص في أي أداة طبية يعني عجز المستشفى عن اجراء الطبابة اللازمة، فهل يمكن لمستشفى أن يستغني عن الحقنة او الشاش؟”…
تابعت: “نحن كنقابة نحاول قدر المستطاع التواصل في ما بيننا لتلبية حاجات السوق، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، علماً أننا نطالب منذ مدة بوضع أطر للعمليات قابلة للتنفيذ، لأنه بالآلية الموضوعة يستحيل مواصلة الاستيراد. ونحن نخشى من الانتقال الى مرحلة تنقطع فيها المستلزمات الطبية من السوق، وهذه ستكون نتيجتها كارثية على لبنان لا بل أشدّ وقعاً من أزمة انقطاع الدواء”. وأكدت انّ “المخزون المتوفّ،ر عدا عن النواقص الكثيرة فيه، لا يكفي لشهر”.
وأوضحت، رداً على سؤال، انه “لا يمكن ان نشهد مداهمات لمستودعات تحوي مستلزمات طبية، لأن لا مستودعات للقطاع كما هو الحال لقطاع الدواء، حيث هناك المستورد الذي يسلّم البضاعة الى المستودع وصاحب المستودع يسلّمها الى أصحاب الصيدليات، بينما نحن نتواصَل مباشرة مع المستشفيات ونبيعها المعدات والمستلزمات الطبية”.
اضافت: “يستحيل ان تحصل عمليات تهريب في قطاعنا، خصوصاً المغروسات الطبية، لأنّ تركيبها يحتاج الى معدات خاصة، والمشكلة الأساسية تتمثّل بآلية العمل الموضوعة بين مصرف لبنان ووزارة الصحة. وقد سبق للوزير حمد حسن ان أعلن انه لا يستطيع ان يَمون على المركزي، فما بالنا نحن؟ في الواقع، انّ المورّدين في الخارج بانتظار ان يدفع لهم مصرف لبنان الفواتير المستحقة، ونحن عاجزون عن الاستيراد ولم نحصل حتى الآن على أي موافقات مسبقة”.
وأكدت انّ “أموال مستودري المستلزمات الطبية العالقة في المصارف، والتي تُقدّر بـ 50 مليون دولار، كافية لتأمين النواقص في السوق. وعندما نأخذ الموافقة، نكون قادرين على توفيرها في غضون أيام”.