يغرق القوم في زبالة السياسة وسياسة الزبالة… وما بينهما من مطامح مشروعة ومطامع ممنوعة… أمّا قضايا الناس الحياتية اليومية الضاغطة فليس من يسأل عنها أو بها يهتم… بينما الوضع الإقتصادي والجشع كذلك يلتهمان مدخّرات الناس، أو إنهما أكلاها فعلاً، ويحوّلان المرتبات والتعويضات الشهرية (ناهيك بالأسبوعية واليومية) الى مداخيل رمزية يصح فيها القول إنها لا تروي عطشاً ولا تشبع جوعاً.
ونوّد أن نتحدّث، اليوم، عن الدواء، تحديداً، وبالذات عن بعض الأدوية من النوع المزمن التي هي ضرورة يومية للكثيرين من الناس، ولا فرق، هنا، بين ثري ومعدم. فالدواء قدر المحتاجين إليه حيث لا مفرّ!
وألفت نظر القارىء ونظر المسؤول وعنايته الى ما يعرفه اللبنانيون جميعاً من أن سعر الدواء في هذا البلد المعذّب يتجاوز، بأضعاف مضاعفة، معظم بلدان الخارج إن لم تكن كلها، والمقارنة في الأدوية المزمنة ليست مع بلدان المنطقة والجوار، وليست مع تركيا على سبيل المثال لا الحصر، إنما هي مع بلدان الإتحاد الأوروبي وبالذات.
مثال ذلك، فلنأخذ دواء الـPlavix 75 الذي تباع العبوة منه في لبنان (سعة 24 حبة) بـ 71 ألف ليرة. بينما في بلجيكا سعر العبوة منه التي تتسع لـ 98 حبة (أي بزيادة ثلاثة أضعاف ونصف الضعف عن العبوة عندنا) هو أقل بكثير، أي سعر الثلث أعلى من ثمن الثلاثة أضعاف؟!.
ولو أخذنا عبوة من دواء ضغط الدم الـAprovel 300 mg … لوجدنا أن سعر العبوة عندنا (سعة 28 حبة) هو 47403 ليرة لبنانية. بينما سعر العبوة في بلجيكا (سعة 98 حبة) هو نحو 43 ألف ليرة لبنانية. أي أنّ سعر المئة حبة في أوروبا هو أقل من ثمن الـ 28 حبة في لبنان!
وما يصح على الدواءين الوارد ذكرهما أعلاه يصح أيضاً على سواهما من الأدوية… وقد حرصنا على المقارنة مع البلد الأوروبي الذي عاصمته (بروكسل) هي مقر الإتحاد الأوروبي، حيث يُفترض بالأدوية المتداولة فيه أن تكون على أعلى مستوى من الجودة وفق أفضل المعايير المعتمدة عالمياً.
وتبقى ملاحظة برسم معالي وزير الصحة وأركان وزارته المعنيين بهذه التفاصيل:
معلوم أنّ الأدوية التي ذكرناها آنفاً هي أدوية مزمنة، وبما أننا نستورد هذه الأدوية من مصادرها، فلماذا لا نستوردها في العبوات ذات السعة الكبيرة (أي في حدود المئة جرعة)؟ وهل ثمة سبب ليتمنع تجار الأدوية (وما أدراك ما هي تجارة الأدوية وثقلها على الضمائر!. الضمائر نقول؟!) عن استيراد العبوات الكبيرة؟!
وأما السعر فهو ملاحظة مشتركة برسم معالي وزيري الصحة والإقتصاد.