IMLebanon

اتفاق معراب لم يمنع مواجهات المتن الشمالي الأوسط والعالي

لم تسر دماء اتفاق معراب بين القوات والتيار الوطني الحر في عروق بلدات المتن الشمالي الاوسط والعالي. افتتح اليوم الانتخابي في اغلب البلدات على انقسامات عائلية الزمت الاحزاب والتيارات الابتعاد قدر المستطاع عن التدخل المباشر في تشكيل اللوائح ودعمها علنا، بانتظار انتهاء المعركة وتخطي «القطوع»، فيما تميز عدد قليل جدا من البلدات الجردية الكبيرة باسطفافات سياسية تقليدية، لم تفلح الوساطات الحزبية في دفعها باتجاه التوافق، او في تفادي انغماس القواتيين والعونيين في مواجهات مباشرة، كما في بلدتي بسكنتا وعينطورة. 

انسحب الطقس الحار على المعارك العائلية اذاً في اعالي القضاء، التي لم تخل من الاتهامات المتبادلة بين القوى المتنافسة بشأن خروق غير قانونية لمسار العملية الانتخابية، وبالرغم من ان الجميع يؤكد ديموقراطية الحدث واحترام الرأي الاخر، شهدت بعض البلدات شحناً عالياً في النفوس وصل الى حد الاشتباكات الكلامية المباشرة، فيما سجل انعدام نشاط الاحزاب التي خلت مراكزها من اي حركة تذكر، حيث تحول وجود مناصريها امام مراكز الاقتراع كمندوبين للوائح العائلية فقط، استبدلوا قمصانهم الحزبية واعلامهم بقمصان لوائحهم.

المطيلب

بلدة المطيلب التي تنتخب مجلسها البلدي للمرة الاولى في تاريخها بعد فصلها عن بلدية الرابية شهدت معركة عائلية محتدمة غير معروفة النتائج مسبقا. يقول احد مناصري لائحة «المطيلب عائلة»، ان فرق الاصوات لن يتعدى الثماني او السبع اصوات لمصلحة الرابح. يقع مركز اللائحة مقابل مركز الاقتراع تماما، جهز الطابق الاول من منزل احد اعضائها لاستقبال المناصرين، البالونات الملونة تملأ المكان، شاب بلياس تقليدي يقدم القهوة، صحون التوت للضيافة وكذلك لوحات اعلانية الكترونية نشرت في المكان تقول لجميع المقترعين «مين ما كنت انت عيلتنا». البلدة التي تضم 516 ناخبا للمرة الاولى ستكتشف نسبة الاقتراع التي ستسجلها، يؤكد رئيس اللائحة الثانية «مطيلب سوا فينا»، ميشال فياض الى انهم مرتاحون للنتيجة، وكانتخابات اولى الخرق يبقى هو المرجح فالمعركة على الاكثرية وليس على الربح الكامل.

بيت الشعار

اما في بيت الشعار البلدة تخوض معركة محسومة لصالح رئيس بلديتها لثلاث دورات متتالية اديب سلمون. خرق سلمون شبه مستحيل ولكن المعارك لا تخاض فقط للربح، اذ يمكن ان تكون بمثابة اثبات وجود. يأخذ معارضو سلمون عليه «سوء ادارته للبلدية على مدى كل هذه السنوات»، ويعدد رئيس لائحة «بيت الشعار قيم وانماء» المقابلة لسلمون خروقاً وتعديات وفساداً وسرقة مال عام لا تحصى، واصفاً اياه ب»الماكيافيلي الذي يحكم الضيعة». اما فريق سلمون فيعمل على قدم وساق، كل حسب مهامه، شبان لاستقدام الناخبين من بيوتهم، نساء لتوزيع اللوائح على العائلات التي تنتظر دورها على بعد امتار من مركز الاقتراع، ومدير الحملة الانتخابية الجالس في مكتب مغلق تصله ارقام المقترعين والاسماء التي ادلت بصوتها بدقة تامة، يشطب اسم من ادى دوره ويأمر بالتوجه الى منزل احدهم لجلبه للاقتراع، فيما يصل سلمون بهدوء تام الى مركز حملته محيياً مناصريه الذين يعملون من اجل «شعشوعة المتن» كما يحلو له تسميتها ورافضا الحديث مع اي صحافي موكلاً المهمة الى محاميته الخاصة ومحامية البلدية في آن. تضع المحامية كل الاتهامات في خانة التحريض الانتخابي، وتقول ان بلدة بيت الشعار لا يمكن ان تكون على ما هي عليه من انماء وازدهار لولا ترؤس سلمون لها، مؤكدة بالوقائع التقديمات المالية الضخمة التي قدمها من جيبه الخاص كهبات للبلدة وابنائها. وبالرغم من احتدام التصاريح والاتهامات الا ان المعركة هادئة ومحسومة بنسبة تقترب من المئة بالمئة. 

قرنة شهوان 

وتحذو بلدة قرنة شهوان ايضا حذو جارتها بيت الشعار فمعركتها محسومة مع استبعاد كبير لاحراز اي خرق، يترأس رئيس البلدية الحالي جان بيار جبارة لائحة مكتملة من 12 عضوا بوجه محبوب الهيبي المرشح المنفرد. تختلف المعركة اليوم مع سابقاتها حيث خاض جبارة انتخابات 2010 بوجه ندى زعرور حيث ربحت لائحته كاملة على فارق لا يتعدى ال10 اصوات، فيما تتحالف زعرور اليوم مع جبارة مما خوله حسم النتيجة مبكرا بوجه منافسه الهيبي الذي كان قد تقدم بدعاوى قضائية متهماً جبارة بسوء الادارة واستغلال الناس وتهديدهم. 

بكفيا

في بكفيا ايضا تفوز لائحة نيكول الجميل ابنة الرئيس السابق امين الجميل بشبه تزكية بوجه خمسة مرشحين منفردين ينتمون بأغلبهم الى حزب الكتائب ولكن اختاروا خوض المعركة لأن قرارهم بالترشح كان قد أخذ قبل اعلان اللائحة. يعلو صوت موسيقى الاغاني الفرنسية الهادئة على مقربة من باب قلم الاقتراع، توزع المناقيش والعصير فيما تجول نيكول بين المناصرين، تضحك وهي تحدثهم كرئيسة بلدية فيما تؤكد انها لم تحسم قرارها بعد في شأن التصويت لميرنا المر في اتحاد البلديات. 

الخنشارة

في الخنشارة تأخذ المعركة طابعاً مختلفاً تماماً تتداخل العائلات مع الاحزاب لتخوض البلدة معركتها بثلاث لوائح غير مكتملة الاولى يترأسها الرئيس الحالي للبلدية بدعم من التيار الوطني الحر والثانية مدعومة بتفاهم بين الكتائب والحزب القومي والثالثة شبابية مدعومة من القوات. عجز القوات والتيار التفاهم على تشكيل لائحة واحدة لاختلافات عائلية وتنسيق على الحصص. هنا التشطيب والخرق سيد الموقف كما في بلدة المروج ايضا التي دخلت المعركة بثلاث لوائح مع فارق انعدام التأثير الحزبي على تشكيلها، فأتت بتفاهمات حزبية وعلاقات شخصية محاولين ابعاد قدر المستطاع تجربة المجلس البلدي السابق الذي حل بعد ثلاث سنوات على انتخابه. يجلس رئيس احدى اللوائح في مقهى وسط مناصريه مؤكدا فوزه بأكثرية الاعضاء، بالوقت الذي يعمد رئيس لائحة ثانية الى توزيع الورود البيضاء على المقترعين على باب المركز، فهو يجدها اجدى من توزيع لائحته عليهم، اما رئيس اللائحة الاعلى حظوظاً في الفوز فيبدو واثقاً من نجاحه وهو يطمئن من احد مندوبيه داخل غرفة الاقتراع على وصول احدى العائلات للادلاء بصوتها. 

عين الصفصاف وضهور الشوير

في عين الصفصاف كما في ضهور الشوير وقع المحظور ما بين انصار الحزب الواحد، ففيما اعلن الحزب السوري القومي في البلدة والوزير الياس بو صعب دعمهم للائحة برئاسة ايلي صوايا، تشكل لائحة ثانية برئاسة نعيم صوايا. يتابع بو صعب العملية الانتخابية بأدق تفاصيلها، يتصل بأحد المسؤولين عن الانتخابات في القضاء ليبلغه عن مخالفات جمة تحصل داخل اقلام الاقتراع ويطلب منه الايعاز الى المسؤول الامني في المركز الى ضبط المخالفين، ينهي بو صعب اتصاله ليتوجه الى التقاط الصور مع ابناء بلدته، يلاعب الاطفال ويساير الجميع، وحتى المغتربين يحضرهم احد المخاتير للتعرف اليه للمرة الاولى واصفا اياهم ب»الشويري الاصايل»، فهم سينتخبون اللائحة المدعومة منه بكاملها. تستشرس احدى الداعمات للوزير بالدفاع عنه الى حد البكاء فيما يحاول تهدئتها، «فأختها تدعم اللائحة المنافسة ما لم يرق للمرأة».

يؤكد بو صعب انه انجز 11 نقطة من اصل 12 من برنامجه الانتخابي، فيما تبقى النقطة المتبقية اي المدرسة على بعد خطوتين من افتتاحها لنكون انجزنا كامل البرنامج. من جهة نعيم صوايا رئيس اللائحة المنافسة يرى ان بو صعب لم ينجز شيئاً مما وعد به، متهماً اياه بالاستئثار بالقرارات وتعمده الغاء كل من يخالفه الرأي بحجة امتلاكه المال الذي سينقذ ضهور الشوير من ناحية المشاريع الانمائية. المعركة هنا تبدو واضحة النتائج بفوز لائحة ايلي صوايا مع احتمال الخرق للائحة المقابلة. بلدة عين الصفصاف حيث يشكل حزب الكتائب الاكثرية الساحقة من اهل البلدة تخوض ايضا معركة قاسية لم توصف بالعائلية بل بالحسابات الشخصية التي على اساسها تشكلت اللوائح. بلدية عينطورة حسمت معركتها مبكرا باعتراف منافسي جان عازار المدعوم من الكتائب والقوات بفوزه مع عدم استبعاد احتمال الخرق من لائحة التيار والقوميين. فيما تحدى عازار منافسيه قائلا «اذا سقط عضو على اللائحة سننسحب جميعاً«.

عينطورة وبسكنتا

في عينطورة وقفت القوات والكتائب في وجه التيار ما اعطى المعركة صورة تنافسية جادة رغم انتفاء اسبابها الحقيقية.

وفي بسكنتا كذلك ثاني اكبر بلدة على مستوى اعداد الناخبين في القضاء تخاصم فيها العونيون والقوات بعد تعذر التوافق ليخوض كلا الحزبين المعركة بلائحتين منفصلتين، يؤكد مندوبي اللائحتين صعوبة معرفة النتائج بشكل دقيق او حتى تقديرها، فالمعركة حامية وهاجس الخرق يبقى موجودا. اقفلت الطرقات المتعرجة والضيقة المؤدية الى قلم الاقتراع بزحمة السيارات الخانقة، فالبلدة التي يقيم الكثير من ابنائها في بيروت وضواحيها عادت وفتحت ابواب بيوتها يوم الاحد للمقترعين الذين تعدت نسبتهم ال60%. 

بيت شباب

واخيرا بيت شباب حيث يخوض رئيس البلدية الياس الاشقر المدعوم من المر والكتائب والقوات معركته بوجه لائحة شبابية غير مكتملة برئاسة ميريم جبر. يجلس الاشقر في مكتبه داخل مدرسته الخاصة مرتاحا الى النتيجة صاباً كل غضبه وانتقاداته باسلوب فكاهي على جبر، فهي برأيه مزعجة اما الحالة التي تمثلها فلا مكان لها في المجلس البلدي اطلاقاً. في هذا الوقت تقف ميريم على باب قلم اقتراع تواجه المسؤول الامني عنه وتشتكي له عن مخالفات تحصل امام اعين رجال الامن. اما هو فيضيق ذرعاً من شكاويها المتكررة «صرنا عاملين 20 مشكل من الصبح، شو عم تشتغلي فيي اليوم». معركة ميريم خاسرة مع امكانية الخرق بعدد قليل امام لائحة الاشقر، الا ان النتيجة مهما كانت فان الاشقر يعدها بثلاث دعاوى قضائية بتهم الافتراء والكذب والقدح والذم واختلاق جرم ستتلقاها فور انتهاء المعركة.