«الحكيم» واثق بأنه يلعب وفق معادلة «رابح رابح»
خط معراب ـ الرياض: تجميع أوراق المواجهة؟
خط معراب – الرياض مفتوح دائماً. تصعب معرفة السياق الذي ترتب فيه زيارات رئيس حزب «القوات» سمير جعجع إلى السعودية حيث التقى الملك سلمان بن عبد العزيز بالإضافة إلى مسؤولين سعوديين، لكن يمكن على الأقل ملاحظة توقيتها الذي غالباً ما يكون مرتبطاً بأحداث ترى الممكلة أنها تستدعي التواصل مع حلفائها وبينهم بطبيعة الحال «الحكيم».
منذ الزيارة الأخيرة لجعجع إلى الرياض، والتي عاد بعدها موافقاً على التمديد للمجلس النيابي، بعد أن كان من أشد المعارضين له، تراكمت الأحداث الداخلية والخارجية. في تلك الزيارة كان واضحاً أن هامش المناورة المعطى لجعجع ربطاً بالصراع المسيحي ـ المسيحي، لا ينسحب على التمديد، الذي كان حينها مطلوباً بشدة.
اليوم لا يمكن عزل الزيارة ولقائه الملك عن سياق الأحداث المتراكمة في المنطقة، ذلك أن لا أولوية سعودية تطغى على أولوية «مواجهة الاتفاق النووي»، كما قال «مصدر سعودي» بعيد إعلان الاتفاق، و «التصدي لإيران بكل حزم إذا تسببت بأذى ومشاكل في المنطقة»، كما قال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير.
الثابت سعودياً أن القرار قد اتخذ لتجميع أوراق المواجهة، تحسباً لكل الاحتمالات، لا سيما منها الجلوس على طاولة مفاوضات إقليمية برعاية أو ضغط أميركي.
ومن استعادة معظم عدن، على يد مقاتلين مدربين ومسلحين سعودياً ومحسوبين على الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى تحويل وجهة خالد مشعل من طهران إلى جدة، استكمالاً لقرار واضح من القيادة السعودية الجديدة لاستيعاب «الاخوان المسلمين»، مروراً بمراكمتها ما تسميها «الانتصارات» التي تحققها «أحرار الشام» في سوريا، وصولاً إلى «رص الصفوف في لبنان»، هنا تحديداً تصبح زيارة جعجع مفهومة في توقيتها، إذ لا يمكن عزلها عن سياق أحداث المنطقة وموقع السعودية فيها، كما لا يمكن عزلها عن بديهية اعتبار لبنان إحدى ساحات الصراع بين السعودية وإيران. لكن مع ذلك، فإن أحداً لا يمكنه إغفال التطورات التي حدثت في لبنان منذ زيارة جعجع الأخيرة الى جدة.
وقبيل مغادرته إلى المملكة، أمس الأول، أسمع جعجع مستقبليه ما يرغبون سماعه. أعاد التأكيد على «تمسكه باتفاق الطائف». كما أعاد التصويب على «حزب الله»، من خلال تغاضيه عن «المناصفة» التي تفاهم مع العماد ميشال عون على أولية تطبيقها في «الطائف»، ومركزاً على أن «تطبيق الاتفاق يبدأ من نقطة أساسية هي عدم وجود سلاح غير شرعي خارج الدولة اللبنانية.. وعدم وجود أي شيء اسمهُ مقاومة أو غير مقاومة».
هذا الخطاب يريح السعودية وسعد الحريري، لكن ربط جعجع تمسكه بالطائف بـ «غياب البديل» يجعل الزيارة لا تمر من دون توضيح. إلا أن التوضيح الأهم المطلوب سعودياً، بعد الاطمئنان إلى رص صفوف الحلفاء في لبنان، يبقى التقارب بين «القوات» و «التيار الحر» ومداه، وهو ما كان محل انزعاج «مستقبلي» قبل «إعلان النيات» وبعده، خصوصا أن ثمة تجربة لا تزال طرية في الذاكرة الحريرية عندما وافق جعجع على مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي للانتخابات النيابية، وهو الأمر الذي أجبر الحريري على اطلاق مواقف غير قابلة للالتباس ضد المشروع، فما كان من جعجع الا أن سحب توقيعه عنه.
على الأرجح، تحضر جعجع جيداً للسؤال، ولا شك أنه يملك الجواب المطمئِن، والذي يجعله يستمر في موقعه الثابت والمتقدم بين حلفاء السعودية في لبنان. فهو حسم أمره بالتقارب من جمهور «التيار الوطني الحر» قبل قيادته، لكنه يعرف أن الطريق لقلوبهم لا بد أن تمر بالرابية أولاً، التي لم تتمكن بعد من التعامل مع الأمر بالدينامية التي يظهرها جعجع، المتحرر من ثقل أي خسارة محتملة لثقته بأنه يلعب ضمن معادلة «رابح رابح».
من الآن وحتى اشعار آخر، تبدو الساحة المسيحية محكومة بمعادلة من يحاول وراثة ميشال عون وهو على قيد الحياة. كثيرون يريدون حصصهم.. وأولهم سمير جعجع، وهو صاحب حق مشروع طالما أن «التيار» لم يولد الا من رحم بيئات حزبية مسيحية اندثرت.