IMLebanon

ملاقاة الحريري ونصر الله لدعوة بري الى الحوار: رغبات.. صعوبات وموانع؟!

يوماً بعد يوم، تتعزز لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري قناعة »ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى أنت جميع أمرك…« للخروج بلبنان من أزماته المتعددة العناوين والمضامين، ومن بينها أزمة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية..

وهو، وإذ لا يغيب عنه الأدوار الدولية والاقليمية والعربية في ذلك، فإنه في المقابل يدرك أين »مربط الخيل« وهو يعمل طاقته من أجل توفير أكبر قدر ممكن من المناخات المطلوبة والكافية التي تحتمها »الضرورات الوطنية« – ليس الى نزع فتائل التوتير بين أبرز مكونين سياسيين في لبنان المتمثلين بـ»حزب الله« و»تيار المستقبل« و»تنفيس الاحتقانات« – بل من أجل لقاء مطلوب وبإلحاح بين الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، والرئيس سعد الحريري، الذي عاد الى لبنان ويدعو الحزب الى العودة أيضاً…

يعرف الرئيس بري، وهو المطلع على أوسع التفاصيل، ان الفريقين – وإن باعدت بينهما الخيارات السياسية، الخارجية، وبعض الداخلية – ليسا بعيدين عن قناعته في »ان أهل مكة أدرى بشعابها«. وان كانا على قناعة من أمرهما بأن الظروف، وتحديداً الاقليمية، لم تنضج كفاية بعد لاطلاق الضوء الأخضر المطلوب لتحقيق الرغبة في لقاء نصر الله والحريري، وهو يعرف الصعوبات لاتمام مثل هذا اللقاء الذي لا بد وان يتوج توافقاً يعين لبنان على الخروج من مآزقه والدخول في مرحلة جديدة توفر الأرضية الصالحة والكافية لانجاز العديد من الاستحقاقات، ومن أبرزها ملء الشغور في رئاسة الجمهورية وتفعيل عمل سائر المؤسسات، إضافة الى صياغة قانون انتخابات نيابية جديد يتفق عليه…

الاستعداد او الرغبة في ذلك متوافرة عند الرئيس الحريري، وكما وعند السيد نصر الله، وان كان الأخير أظهر عتباً على الأول، بأنه بعد غيبة طويلة عن البلد صعَّد في وجه الحزب في احتفالية 14 شباط »أكثر مما كان متوقعاً…«؟! على ما أفصح عن ذلك السيد نصر الله في لقائه الأخير على »الميادين« لكنه في الوقت عينه ينظر بموضوعية الى التبريرات الموضوعية للمناسبة وللتطورات الحاصلة…

يعزز الرئيس بري أحقية رغبته، بأن الفريقين، وعلى الرغم من التباعد في العديد من القضايا على المستويات اقليمية والعربية واللبنانية، لايزالان يحتفظان بالحد الأدنى المطلوب من التواصل وعدم القطيعة والحفاظ على »شعرة معاوية« و»عدم كسر الجرَّة«، عبر الحوارات الشامل منها و»الثنائي« وذلك على خلفية »ان الحوار (وضمن المعطيات القائمة) يعطي الممكن الذي يعطيه« على ما تقول مصادر مقربة جداً من الرئيس بري… فالتواصل أمر مهم جداً، وهو خفف الكثير من الجهد، كما أنتج اعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء، ويتهيأ لتفعيل عمل مجلس النواب، بعد ارباك كبير وملحوظ وتوقف لفترة لم تكن هينة…« لافتاً الى ان »الحوار في الموضوع الرئاسي وإن كان لا يتقدم كما هو مطلوب، بسبب أزمات كبيرة تتحكم بالبلد، إلا ان ظروف انضاجه أكثر تبدو متاحة، ولا بد من جهد داخلي يبذل من أجل الوصول الى انتخاب رئيس…« و»الخير لقدَّام«؟!

لا يخفي الرئيس بري، كما والرئيس الحريري والسيد نصر الله، ان هناك، ومن حلفاء الفريقين، من لا ينظر بايجابية الى الحوارات بين »المستقبل« و»حزب الله«، خصوصاً »الثنائية« منها، تحت حجة ان هذه الحوارات »لم تثمر أي ايجابيات، وهي تدور في حلقة مفرغة، فقط من أجل توسيع دائرة الوقت الضائع بانتظار تطورات خارجية ما، وتحديداً على خط العلاقات السعودية – الايرانية الذي لم يشهد تطوراً ايجابياً بعد على خط الحوار المتوقع بين الدولتين، و»هما على خلاف كبير حول عدة أمور… لكن هذه الحوارات، وان تم التوافق على بنود سيؤدي، ولا شك الى تهدئة الأمور وتحسين اجواء المنطقة«. على ما أكد ذلك الرئيس الحريري…

يرفض الرئيس بري ما يقال عن ان الحوارات »مضيعة للوقت« وهو يرى ان هذه القراءة للحوارات، لن تقود سوى الى »القطيعة« وتكون »كارثة الكوارث« فأي قطيعة، خصوصاً اذا ما لبست لبوس الطائفية والمذهبية، أثمانها معروفة ونتائجها معروفة، وفي الأخير سيجد الجميع أنفسهم من جديد على طاولة الحوار، والتجارب اللبنانية في ذلك أكثر من ان تعد وتحصى… من غير ان يعني هذا التسليم للاجراءات الشكلية، وأخذ الصور التذكارية لجلسات الحوار وتبادل المصافحات و»النكات«، إذ لا بد من ايجاد »الباز« (الأساس) الضروري والملائم والمطلوب لتطوير الحوار في الوقت المناسب وعندما تنضج الظروف باتجاه انجاز الاستحقاقات المطلوبة، وتفعيل عمل مؤسسات الدولة، التي لا بديل منها…

في صفوف الثامن من آذار، كما في صفوف الرابع عشر منه، هناك من يعتبر ان لقاء الحريري – نصر الله، »لن يكون في مصلحة المبادئ التي قامت عليها هذه »التحالفات« التي تفككت ولم يبقَ منها سوى بعض الاشكال في بعض المناسبات…

لقد أبدى الرئيس الحريري، كما السيد نصر الله استعدادهما للقاء لكن »اللقاء من أجل اللقاء« – وإن بدا مهماً بالنسبة الى البعض وقد يؤدي الى خرق القطيعة وكسر الجليد – ليس هو المطلوب، بل المطلوب هو  ان يكون هذا اللقاء، إن تحقق، نقطة فاصلة بين مرحلتين، خصوصاً ان الحريري أبدى واقعية لافتة وفصل بين »الممكن« المتمثل بانتاج تسويات وتوافقات حول المسائل السياسية وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي وتفعيل عمل المؤسسات الرسمية والحفاظ على الأمن والاستقرار في الداخل، وبين »المستحيلات« – راهنا – المتمثلة حالياً بانسحاب »حزب الله« من سوريا، والمسألة في مرحلة متقدمة عبر المحادثات… وسلاح »حزب الله« الذي بات جزءاً من »لعبة اقليمية« وموازين قوى مع »إسرائيل« وتستحيل مقاربته في ظل ضعف الدولة وعدم جهوزية المؤسسة العسكرية وندرة الدعم ومحدوديته للجيش اللبناني الذي تتراكم فوق كتفيه الأعباء في الداخل كما على الحدود، الشرقية والشمالية والأخطر الجنوبية…

يستعير الرئيس بري المزيد من الأمثال المتداولة وهو في هذا لا يتردد في القول: »إذا أردت ان تطاع فاسأل ما يستطاع… ولا تكبر الحجر…«.