أنظار العالم تتجه اليوم الى هامبورغ في المانيا، ليس فقط بسبب انعقاد قمة العشرين والشركاء الأوروبيين في أضخم حلف في التاريخ الأطلسي، وانما أيضا وتحديدا بسبب لقاء رجلين: دونالد ترامب الرئيس الأميركي المثير للجدل والمتهم بالخفّة والارتجال وعدم الخبرة، وفلاديمير بوتين الرئيس الروسي الرجل المحنّك والمخضرم والماكر والداهية وخريج الاستخبارات السوفياتية ومدرسة الحرب الباردة الطويلة في العالم بين قطبيه، واشنطن وموسكو. وبينما كان مثل هذا اللقاء مبعث أمل للانسانية في فترة الحملة الرئاسية الأميركية، وخطاب ترامب الانتخابي ووعوده بعلاقة تفاهم مع موسكو نظرا لأجواء ايجابية له مع بوتين ومصالح مشتركة تجارية وغيرها لشركات ترامب، فان اللقاء اليوم محاط بالسوداوية وتوتر العلاقات على نقيض ما كان مأمولا في السابق. والسبب هو أن البيت الأبيض من فوق وليس روما هو غيره من تحت. وان استراتيجية العداء التي رسمها الأستبلشمانت الأميركي وهو صاحب الكلمة العليا، ولا تعلو عليها حتى كلمة رئيس أميركا!
***
الاستراتيجية الأميركية هجومية وعدائية وإلغائية، وصديق أميركا هو من يخضع لقيادتها ويستسلم لها، والعدو هو كل من بقي خارج هيمنتها سواء أكان منافسا أو حتى محايدا! وفي مقدمة ذرائع العداء الأميركي لموسكو اليوم في العالم هو شبه جزيرة القرم، وفي الشرق الأوسط النفوذ الايراني. وارتبط اسم القرم بالحروب الكبرى، منذ حرب القرم في القرن التاسع عشر، والى اجتماع قادة الحلفاء في القرم في الحرب العالمية الثانية. وقدم خروتشوف شبه جزيرة القرم هدية الى أوكرانيا، وكان يومها كما قيل في حالة سكر ونشوة ١٩٥٤ وعادت الى حضن روسيا والرئيس بوتين باستفتاء شعبي ١٦/٣/٢٠١٤ والانفصال عن أوكرانيا والعودة الى الوطن الأم روسيا. أما ايران، فبعد تسوية أزمة النووي معها في عهد الرئيس السابق أوباما، فان العداء الأميركي موجّه اليها اليوم بحجة الصواريخ الباليستية الايرانية!
***
وراء هذين العنوانين تختبئ كل أزمات الشرق الأوسط: الحرب في كل من سوريا والعراق، والحرب على داعش والارهاب، والحروب المحتملة بين اسرائيل وأعدائها في المنطقة بسبب نكبة فلسطين المستمرة منذ عام ١٩٤٨. كما تختبئ أزمة علاقات أميركا مع كل منافسيها في العالم وفي المقدمة روسيا والصين سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا! وليس المهم ما سيقوله ترامب أو يقتنع به بعد لقائه مع الرئيس الروسي بوتين، لأن الأهم هو ما سيقرره الكارتل الحاكم من وراء الستار في واشنطن… وليس في الأفق ما يشير الى انفراجات قريبة!