Site icon IMLebanon

لقاء عون وجعجع مُؤجّل في ظل عُقدة رئاسة الجمهوريّة والإنتحار هواية مسيحيّة منذ الأزل والى أبد الآبدين

اذا كانت الهجمة التكفيرية لـ«داعش» و«جبهة النصرة» وكافة مشتقات «القاعدة» قد تكفلت باقتلاع المسيحيين من العراق وسوريا، فإن الصراع المسيحي – المسيحي على الحلبة السياسية المحلية كفيل بانهاء دورهم على رقعة الشطرنج الداخلية على حد قول اوساط مسيحية، في وقت تلفح فيه حرائق المنطقة البلد الصغير وتهدده في كيانه وكينتونته، في وقت يبقى فيه كلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي صرخة في البرية والذي طلب فيه من الحكومة عدم «ابتكار آليات تتنافى والدستور وكأن الفراغ الرئاسي امر عادي».

واذا كان الشغور في الموقع في الدولة يلقى الكثير من اللامبالاة من بقية الاطراف في مركز السلطة الى حد دفع بحكومة الرئيس تمام سلام الى ابتداع صيغة الـ24 رئيس جمهورية، فإن الاقطاب المسيحيين يتفرغون لمعاركهم السياسية التي تزيد من تشرذمهم بحسب الاوساط، بدل ان يتوافقوا ولو لمرة واحدة في زمن المتغيرات الكبرى التي تهدد وجودهم معيدين الى الاذهان حروبهم المتتالية من سبعينات القرن الماضي الى اليوم بعدما خرجوا من الخنادق العسكرية ليتمترسوا في خنادق سيايسة ما يستحضر الى الذاكرة محطات كثيرة من تاريخهم الحديث حيث «لم يقاتلوا كما تقاتلوا» وفق توصيف ابن خلدون للعرب في كتابه «المقدمة»، ويعيد الى الاذهان حادثة جرت ابان الحروب العبثية يوم رست باخرة تنقل سلاحاً من السعودية الى حزب «الكتائب اللبنانية» في العام 1976، ما اغضب الراحل كمال جنبلاط وجعله يقاطع اجتماعا للحركة الوطنية آنذاك برئاسة ياسر عرفات، ما دفع الاخير بالاتصال بجنبلاط ليسأله عن السبب فاجابه: لماذا لم تستعمل «مونتك» على المملكة في منع وصول السلاح الى المسيحيين فرد عرفات: «كان يجب ان تسر بذلك لأن كثرة السلاح بيدهم سيدفعهم الى الاقتتال فيما بينهم».

وتضيف الاوساط ان الواقع المسيحي في الحرب هو نفسه في السلم، وانهم لم يتعلموا درساً واحداً وخصوصاً الموارنة من تاريخهم المليء بالدماء والدموع من فتنة 1860 يوم اختلف «شيوخ الشباب» يوسف بك كرم وطانيوس شاهين وابو سمرا غانم ويوسف الشنتيري حول قيادة المحلة لفك الحصار عن بعبدا وكانت محاصرة من الدروز وبقوا على خلافهم حتى اجتاحها الدروز وقتلوا المير بشير الثالث، وكذلك تجسد الامر في الحروب العبثية في اقتتال الجنرال ميشال عون و«القوات اللبنانية» بعدما كلف الرئيس امين الجميل عون برئاسة الحكومة الانتقالية للايقاع بين الطرفين.

وتشير الاوساط الى ان التفاؤل بتوافق الاقطاب الموارنة وتوحدهم من خلال توصل النائب ابراهيم كنعان ممثلا «للتيار الوطني الحر» ورئيس جهاز التواصل والاعلام في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي الى انجاز ورقة «اعلان النوايا» بين الفريقين حيث تم التوافق على اغلبية البنود الـ 17 حيث لا تزال 5 بنود عالقة، فان منسوب التفاؤل بدأ يضمحل ،وان لقاء عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مؤجل حتى اشعار آخر برأي الاوساط، لا سيما وان عون مصر على احقيته برئاسة الجمهورية وهذه النقطة بالذات تشكل بيت القصيد وتهدد التوافق المسيحي والوحدة المطلوبة وكذلك الامر بالنسبة لجعجع المصر على ترشيحه وعدم الانسحاب فهل رئاسة الجمهورية لدى الجنرال وجعجع اهم من التضامن المسيحي المطلوب في مرحلة تعتبر مفصلية في تاريخ المسيحيين ووجودهم، فالمسيحيون معنيون بالتوافق، وليس بالعودة الى صراعات الاقطاب الموارنة كون ما انجزه كنعان ورياشي لم يتوفر على الساحة المسيحية منذ 30 عاما وفق الاوساط المسيحية، وان الاتفاق بين التيار البرتقالي والقوات يجب ان يتجاوز موضوع الرئاسة في ظل الاخطار الوجودية المحدقة بهم وما يزيد الطين المسيحي بلة تضيف الاوساط، التموضع الجديد لوزراء محسوبين على الرئيس ميشال سليمان ووزراء الكتائب والوزيران بطرس حرب وميشال فرعون في خندق لمواجهة الوزراء البرتقاليين في مسألة التمديد لضباط يشغلون مواقع عسكرية، وان دل الامر على شيء فعلى ان الانتحار هواية مسيحية منذ الازل والى ابد الابدين، وخصوصا في هذا الزمن الرديء وقد يكونون آخر الهنود الحمر.