الراعي يدعو الجنرال لحسم خياره الرئاسي
لقاء عون وجعجع: نيات يصعب صرفها
تمتلئ الساحة السياسية والإعلامية بأخبار اللقاء المرتقب بين رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع. ثمة من لشدة حماسته للقاء هو مستعد لتحديد موعده وجدول أعماله والاسترسال في تحليل خباياه. لكن في الواقع، فإن هذا اللقاء لم يخرج، حتى الآن، عن إطار النوايا، التي أكد عليها الوزير السابق وديع الخازن من معراب والرابية.
اللقاء المرتقب، والذي ملأ فراغ السياسة في البلد، بني عليه لقاء آخر قيل إن بكركي تعمل على تهيئته بين الأقطاب المسيحيين الأربعة. وبالرغم من أن البطريرك الماروني بشارة الراعي التقى معظمهم، وآخرهم النائب سليمان فرنجية أمس، إلا أن مصادر بكركي تجزم أن الاجتماع الرباعي لن يكون بالإمكان عقده إذا لم تنضج أمور الرئاسة، وكان الجميع على استعداد للتفاهم.
وإذا كان الجميع يعرف أن المسافات ما تزال متباعدة بين مختلف الأطراف، فإن هذا التفاهم المتعثر انعكس على اللقاء الذي عقده عون مع الراعي في بكركي مساء الاثنين الماضي بناء على دعوة الأخير. إذ تردد مصادر بكركي أن البطريرك تمنى على ضيفه الإسراع ببت مسألة الرئاسة، بحيث أنه إذا كان قادراً على ضمان انتخابه في جلسة التاسع من الشهر المقبل كان به، وإذا لم يستطع فيجب أن تبدأ مرحلة البحث عن رئيس توافقي تنهي حالة الفراغ الطويل. وقالت مصادر بكركي «إن من يقول إنه يخاف على الجمهورية عليه أن يعرف أن وجود الرئيس هو الضمانة الأولى للجمهورية».
وإذا كان لقاء بكركي قد أعاد تكرار مواقف الطرفين المعروفة من الاستحقاق، فإن لقاء عون وجعجع لن تكون حظوظ عقده كبيرة إذا لم يكن أي منهما مستعداً للابتعاد عن مواقفه المعروفة. فالنائب انطوان زهرا، الذي يجزم أن لا شيء جدياً في ما يتعلق باللقاء حتى الآن، يعتبر أن العقبة تكمن في الاتفاق على جدول أعمال مشترك، إذ أن جعجع مستعد للحديث عن حلول رئاسية جدية، فيما عون يريد أن يفاوض على الجمهورية.
مع ذلك، ثمة في «8 آذار» من يرى أن ما رفع من حظوظ عقد اللقاء هو تخلي حلفاء جعجع عنه، موضحاً أنه بعدما دعا عون غريمه إلى أخذ تعهد من حلفائه بأن يكون مرشحهم الوحيد في مقابل عون، فوجئ بتخليهم عنه، ما اضطره إلى طرق أبواب الرابية.
في حال عقد اللقاء، فإنه يجب أن يراعي، بحسب أمين سر «تكتل التغيير» النائب ابراهيم كنعان، مبدأين أساسيين: الأول، أن يكون الرئيس ذا تمثيل مسيحي وازن ومنفتح على الجميع في الوقت نفسه. والمبدأ الثاني هو موضوع قانون الانتخاب، والذي يقود حتماً إلى ضرورة تفسير المادة 24 من الدستور (المناصفة).
وإذا كان منسق الأمانة العامة لـ«14 آذار» فارس سعيد لا يعلق آمالاً كبيرة على لقاءات كهذه، وإن يرحب بأي خطوة تؤدي إلى إخراج الرئاسة من المراوحة، فإن بعض المعنيين باللقاء يظهر حساسية تجاه تظهيره على أنه رد مسيحي على الحوار المزمع انطلاقه بين «المستقبل» و«حزب الله».
باختصار، فإن مصادر في «8 آذار» تعتبر أنه إذا كان جعجع يريد أن يزور عون ليقول له تعال لننسحب سوية ونبحث عن مرشح آخر، فمن الأفضل أن لا يكلف نفسه عناء الزيارة. وتعتبر هذه المصادر أن نجاح اللقاء مرتبط بقدرة جعجع على السير باتفاق ماروني ـ ماروني يحمل عون إلى سدة الرئاسة مع تعهدات بدور فاعل لـ«القوات». أكثر من ذلك، فإن ثمة من يحلم بتكرار عون وجعجع لتجربة «حزب الله» و«أمل»، بما يؤدي إلى تفعيل الدور المسيحي، معتبراً أن ذلك وحده يستطيع إعادة الاعتبار لهذا الدور. ويشير إلى أن وجود رئيس قوي مع تحالف ماروني قوي مع مجلس نيابي متوازن، يستطيع أن يعيد الصلاحيات الرئاسية.