IMLebanon

لقاء عون وجعجع لم يعد مشهداً حماسيّاً ومُغرياً

لقاء عون وجعجع لم يعد مشهداً حماسيّاً ومُغرياً

التجارب السابقة لا تشجّع على الثقة

لم يعد مشهد سمير جعجع في الرابية «معايداً او مصالحاً او زائراً عادياً» لميشال عون، مغرياً او حماسياً في الحسابات المسيحية كما كان ليكون قبل عشرة اشهر فيما لو التقى الزعيمان المارونيان ليتفقا قبل ان يحل الفراغ في الكرسي الرئاسي، ولم يعد هذا المشهد يحوذ ثقة الكثيرين من المسيحيين فعون وجعجع التقيا كثيراً وتبادلا الرسائل والوسطاء وكادا يصبحان في خندق واحد عندما شعرا انهما مستهدفان من الآخرين انفسهم وعندما نفي احدهما وسجن الآخر، ولكن لا الظلم ولا الاضطهاد المشترك ساهم في تقريب المسافات وفي ايجاد مساحة خاصة بينهما، وهذا المشهد لم يعد يعني الكثير من المسيحيين كما تقول اوساط مسيحية بعدما جلس الخصمان اللدودان في المستقبل وحزب الله جنباً الى جنب رغم المحكمة الدولية واغتيال قيادات 14 آذار ورغم مشكلة قتال حزب الله في سوريا، وهو نفسه لم يعد يعجب مسيحيين آخرين في زمن داعش والنصرة ودخولهما الاراضي اللبنانية وتهديداتهما التي توزع على كل اللبنانيين بدون تمييز بين فئة او فريق.

فالمسألة ليست مسألة لقاء زعيمين مارونيين متخاصمين تضيف الاوساط، ويتنافسان على الموقع المسيحي الأول في البلاد وحدها، انما الخوف على مستقبل المسيحيين في لبنان بعد سيطرة داعش في الموصل وموجة التهجير التي اصابت المسيحيين في الاراضي العراقية والسورية والمخطط المرسوم لتفريغ الشرق من مسيحييه، يقابله ما يحصل مسيحيياً من فراغ في الكرسي الأولى واختلال عمل المؤسسات المسيحية نتيجته، فعدم انتخاب رئيس للجمهورية يصب في خانة اضعاف المسيحيين، والتعطيل كما تقول الاوساط طال أمده رغم الضغط الفاتيكاني ومطالبة الدول الأوروبية والكبرى لانجازه. وسألت الاوساط ماذا ينفع المسيحيين بعد واي فائدة يحصلون عليها من لقاء قد لا يتعدى الصورة او الشكل بين الزعيمين المارونيين مقابل ما يحصل للمسيحيين في الشرق ويمكن ان تنتقل عدواه الى لبنان؟ كيف سيواجه المسيحيون الخطر التكفيري الذي صار على الحدود وهل بات لديهم خطة سياسية واضحة لمحاربة «داعش» و«النصرة»؟ هل يملك المسيحون السلاح الذي يملكه الآخرون في الوطن وذلك الذي في حوزة الخصم الارهابي الزاحف الى مناطقهم؟ وماذا لو لم يتمكن المسيحيون من الدفاع عن ارضهم فيما لو استطاع المسلحون التكفيريون احداث اختراق في احدى الجبهات او على احد المحاور القتالية، هل سيكون مصير المسيحيين وهم يسمعون ترداد معزوفة الشرق بدون مسيحييه شبيهاً بمصير مسيحيي سوريا والعراق؟ وبالتالي هل من تشابه او ان هناك اختلافاً جوهرياً ما بين مسيحيي لبنان واخوانهم في المناطق المهجرة؟؟…. تلك تكاد تكون عينة من تساؤلات تدور في الحلقات المسيحية الضيقة تحسباً للمرحلة القادمة ولأي خطر او انفلاش امني قد يحصل في المناطق المصنفة ساخنة.وحيث يبدو ان المسيحيين يتوزعون بين فريقين في مقارنة ومقاربة الحالة الداعشية المتسللة الى العمق اللبناني، فثمة من يرى من المسيحيين ان ما هو مكتوب للمسيحيين سيبقى مكتوباً ولا يمكن تغيير اي فاصلة في المخطط الذي رسم لمنطقة الشرق الاوسط او للشرق الاوسط الجديد، وثمة من يرى من المسيحيين ان التاريخ يعيد نفسه وان المسيحيين رواد المقاومة يخضعون لاختبار جديد هو اختبار داعش ومشتقاتها، ولكن تماماً كما في الحرب اللبنانية استطاع المسيحيون ان يحافظوا على وجودهم وتجذرهم في لبنان ويسقطوا كل المخططات والسيناريوهات.

وما بين بين وجهتي النظر المختلفتين فان الحقيقة الثابتة والوحيدة وهي ان المسيحيين في لبنان لم يعودوا على الحياد بل اصبحوا في قلب المعركة ويكادون يصبحون ربما وجهاً لوجه مع الارهاب في مرحلة لاحقة، في الوقت الذي يتلهون به بالخلافات والمناكفات الداخلية وبحروب الإلغاء التي تدور بين القيادات المسيحية التي وان اجتمعت فان اي لقاء لن يساهم في تنقية القلوب وفي تقوية المسيحيين لمواجهة ما يتهددهم من اخطار الارهاب وتداعياته عليهم.