«تفكيك ألغام» بين قيادات «المستقبل»
لقاء السعودية: «وصايا حريرية».. والأزمة المالية مستمرة
فكفك الرئيس سعد الحريري بعضا من التباينات والتشنجات التي كانت ترخي بثقلها على العلاقة بين قيادات تيار «المستقبل» في الشمال، وبينها مجتمعة وبين بعض أركانه، سواء في مكتبه أو في الأمانة العامة أو في وزارة الداخلية والبلديات، وأعاد إحياء آلية التنسيق التي كانت قائمة بينهم في السابق، على أمل أن ينعكس ذلك إيجابا على الأداء العام للتيار الأزرق، وأن يساهم في وصل ما انقطع بينه وبين بعض جمهوره.
فقد استضاف الحريري وفدا من نواب وقيادات «المستقبل» على مائدة الافطار في مقر إقامته في جدة في السعودية، ثم عقد معهم اجتماعا استمر زهاء خمس ساعات جرى خلالها البحث في شؤون وشجون التيار والمشكلات والاشكالات التي تواجهه، والناتجة عن التباينات الحاصلة بين قياداته، والتي بدأت تنعكس علاقة غير مستقرة مع الشارع، وذلك ضمن المرحلة الأولى من اللقاءات التي يجريها الحريري لاعادة ترتيب البيت الداخلي.
شارك في الاجتماع مدير مكتب الحريري نادر الحريري، والأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، وزير العدل أشرف ريفي، والنواب: سمير الجسر، محمد كبارة، أحمد فتفت، النائب السابق مصطفى علوش، ومستشار الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة.
واللافت أن الدعوة لم تشمل نواب عكار، في حين اقتصرت في الضنية على النائب أحمد فتفت من دون أن تشمل النائبين قاسم عبد العزيز، وكاظم الخير، كما استثنت النائب عن المقعد العلوي في طرابلس بدر ونوس، الأمر الذي ترك سلسلة تساؤلات حول هذه الاستثناءات وأسبابها، وعما إذا كانت عبارة عن رسائل معينة من الحريري لهؤلاء، أم أنه ليس لهم علاقة بالأمور التنظيمية.
الزيارة جاءت قصيرة جدا، حيث عاد الضيوف بعد الاجتماع مباشرة الى لبنان، محملين بأكثر من وصية حريرية تحضّ على التعاون والتنسيق والعمل الجاد من أجل استرداد الشارع، إلا أن ما لم يطمئن بعض هذه القيادات هو أن الحريري أبلغهم صراحة بأن الأزمة المالية مستمرة، وبالتالي فان العمل في المرحلة المقبلة سيحتاج الى كثير من الجهد لأنه سيكون من دون مساعدات أو تقديمات أو خدمات، إلا لبعض الأمور الطارئة والضرورية.
وبحسب مطلعين على أجواء الاجتماع فإن الحريري عرض للوضع العام المتأزم في لبنان، لا سيما لجهة مرور أكثر من عام على عدم انتخاب رئيس الجمهورية وفي ظل الأزمة الحكومية، مشددا على ضرورة استمرار الحكومة في تحمل مسؤولياتها تحسبا من الوصول الى الفراغ الشامل الذي يسعى البعض إليه، لافتا الانتباه الى تسارع الأحداث في المنطقة وفي سوريا تحديدا، وتنامي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها لبنان جراء محاولات زجه في أتون الحرب السورية من خلال مشاركة «حزب الله» في المعارك الدائرة هناك، مشددا على ضرورة أن يعود «حزب الله» الى لبنان، ومشددا أيضا على استمرار الحوار معه، لازالة الاحتقان، وعدم ترجمة أي انفعال سياسي في الشارع، كما حصل في السعديات مؤخرا.
وعرض الحريري لأوضاع طرابلس بكل تفاصيلها، لافتا انتباه ضيوفه الى أن التباينات الحاصلة بينهم بدأت تنعكس سلبا على صورة تيار «المستقبل» في المدينة، مؤكدا أن المرحلة دقيقة جدا ولا تحتمل أي ترف سياسي، منوها بالجهود التي بذلها الوزير ريفي من أجل احتواء الشارع بعد تسريب فيديوهات التعذيب في سجن رومية، ومشددا على ضرورة أن تكون العلاقة بين ريفي والوزير نهاد المشنوق «تكاملية».
ويشير المطلعون أيضا الى أن الحريري تمنى على النائب محمد كبارة ترطيب الأجواء مع المشنوق المستعد لأي تعاون، وأن كبارة أبدى تجاوبا، ومن المفترض أن يلتقي الرجلان خلال الأيام المقبلة في جلسة غسل قلوب تعيد المياه الى مجاريها بينهما.
ويقول مشاركون في الاجتماع لـ «السفير» إن الحريري دعا وفد قيادات «المستقبل» الى الالتزام بسلسلة من البنود أبرزها:
أولا، تفعيل التعاون والتنسيق في ما بينهم، واجتناب المواقف المتناقضة حيال بعض الأحداث.
ثانيا، التعاون مع وزراء «المستقبل» في الحكومة وفي مقدمتهم نهاد المشنوق.
ثالثا، إعادة إحياء الاجتماعات الدورية من أجل البحث في كل القضايا المتعلقة بطرابلس سياسيا وأمنيا وخدماتيا وإنمائيا.
رابعا، التحذير من الانجرار الى المواقف الشعبوية تحت ضغط الشارع.
خامسا، عدم الزج بتيار «المستقبل» بأي موقف طائفي أو مذهبي، والتمسك بتوجهاته الوطنية.
وتشير المعلومات المتوفرة الى أن الحريري سيشرف شخصيا على تنفيذ هذه البنود، وهو استمع الى عدد من النواب الذين شددوا على ضرورة أن تأخذ القيادات المركزية في تيار «المستقبل» بعين الاعتبار حضور نواب طرابلس والشمال في الأمور التي تخص مناطقهم وعدم تجاوزهم، والمبادرة الى التنسيق الدائم معهم، فضلا عن ضرورة قيام وزراء «المستقبل» في الحكومة بالتعاون مع النواب والقيادات المستقبلية في الشمال، لا سيما على صعيد بعض الخدمات والتقديمات التي تصب كلها في مصلحة التيار وشعبيته.
وتقول هذه المعلومات إنه خلال مناقشة أوضاع طرابلس، لمس المشاركون في الاجتماع أن الحريري مستمر في حربه على الرئيس نجيب ميقاتي، وأن تشديده على ضرورة وحدة الكلمة، والتعاون والتنسيق بين قيادات «المستقبل»، هو بالدرجة الأولى من أجل مواجهة الحالة الميقاتية التي بدأت تتنامى طرابلسيا وتتمدد عبرها الى الضنية وعكار.