مع تواتر إعلان «الماكينات الإنتخابية» الواحدة تلو الأخرى للأحزاب والقوى والتيارات السياسية وفتح باب الترشح للإنتخابات المقرر إجراؤها في 6 أيار المقبل، تتجه أنظار اللبنانيين عموماً، الى بعبدا، وتترقب الأوساط السياسية وغير السياسية كافة، ما سيؤول إليه «اللقاء الثلاثي» بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، في القصر الجمهوري يوم غد الثلاثاء، وإن لم يكن هناك «جدول أعمال» محدد، ليكون اللقاء مفتوحاً بهدف وضع اليد على كل الأسباب التي أدت الى ما أدت اليه من توترات واشكالات على خلفية «فيديو البلطجة» وبهدف تبريد الأجواء وإزالة ما يمكن ازالته من خلافات عصفت بالبلد وكادت تطيح بالأمن والإستقرار، مع نزول مؤيدين للرئيس بري الى الشارع وقطع الطرقات وإحراق الدواليب، وما رافق ذلك من توترات وشبه مواجهات مع أنصار «التيار الحر»؟!
يؤكد مطلعون ومواكبون عن كثب على سير التطورات والعديد من المعطيات ان الرؤساء الثلاثة متفقون على أن الخلافات السياسية أمر مشروع في بلد يعتمد الديموقراطية – كلبنان. شرط أن يبقى بعيدا من الشارع «الذي لم يكن يوما مكاناً لحل الخلافات السياسية… بل المكان الطبيعي هو المؤسسات الدستورية (مجلس النواب – مجلس الوزراء – السلطات القضائية) لأن اللجوء الى الشارع – على ما قال الرئيس عون أمام وفد «الرابطة المارونية» أواخر الأسبوع الماضي، يؤذي الإستقرار، الذي ينعم به لبنان وسط جواره المتفجر..»، ومشددا على أن ما حصل في الأيام الماضية «يجب أن لا يتكرر..».
ليس في التداول، حتى اليوم، أي «خارطة طريق» متفق عليها لوضع حد نهائي لحصول مثل ما حصل، خصوصاً وأن تأزم العلاقة بين الرئيسين عون وبري سبق فضيحة، «الفيديو الباسيلي». ولم يظهر بعد، ما إذا كان الرجلان قد أعادا النظر بمواقفهما من جملة أمور سببت في إشتعال الأزمة، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، استبعاد رئيسي الجمهورية والحكومة توقيع وزير المال علي حسن خليل على مرسوم منح الأقدمية لضباط دورة 1994، وإدارة الظهر لطلب الوزير باسيل إدخال تعديلات على قانون الإنتخابات بشأن تسجيل الناخبيت المغتربين، فضلاً عن التمسك بالتوزيع الطائفي لوظائف ما دون الفئة الأولى و خلافا لاتفاق الطائف، على ما يقول أنصار الرئيس بري .. في لقائه الأخير مع وفد «الرابطة المارونية» ، أعلن الرئيس عون انه «مصمم على ممارسة الصلاحيات التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية، من دون زيادة ولا نقصان وذلك إنطلاقاً من القسم الذي أداه والخطاب (الذي القاه بعد إنتخابه رئيساً) الذي حدد فيه توجهاته خلال ولايته الرئاسية، وجد التزامه إتفاق الطائف، داعيا الى تطبيقه من دون إنتقائية، واحترام وثيقة الوفاق الوطني التي تحمي الوحدة الوطنية وتصونها وتحقق التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني كافة..
كان رد الرئيس بري على ذلك متعدد الوسائل، لعل أخطرها، زج الهيئات الروحية في هذه «اللعبة» حيث إجتمعت الهيئة التشريعية للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بعد زيارة رئيسها الشيخ عبد الأمير قبلان عين التينة ولقائه الرئيس بري محملة «العهد» مسؤولية تصحيح النهج المتبع وعدم تجاوز الدستور والميثاق… في إشارة واضحة لتجاوز وزير المال توقيع مرسوم دورة ضباط 1994 … إلا أنه (أي بري) وج أن الطريق الى ذلك، عبر زج المرجعيات الروحية سيقود البلد الى ما لا تحمد عقباه، خصوصاً وانه تلقى نصائح عديدة من الخارج، كما ومن حليفه «حزب اللّه» تدعو لسحب التوتر من الشارع، خصوصاً وقد دخلت «إسرائيل» على الخط مع إعلان وزير الدفاع ليبرمان حيال استثمار لبنان للبلوك رقم 9 وإدعائه أن «اسرائيل« تملك هذا البلوك..
يتفق الجميع، ان الدخول في تفاصيل – تفاصيل العلاقات الشخصية بين الرئيسين عون وبري، كما والدخول في تفاصيل العلاقات على المستوى الوزاري والحكومي، لن يوصل الى نتيجة إيجابية، وكل فريق متمسك بمواقفه… سوى ان البعض يؤكد ان مبادرة الرئيس عون الإتصال بالرئيس بري ، وتجاوب الأخير مع دعوته الى لقاء بعبدا اليوم، كما دعوته الإنسحاب من الشارع وغسل يدي «أمل» مما جرى، رسالة بالغة الدلالة، خلاصتها استعداد رئيس مجلس النواب لمقاربة كل المسائل الخلافية – التي يتمسك بها – لكن عبر المؤسسات وبالصراحة المطلوبة ومن دون أي قفازات..
إن مجرد إنعقاد «اللقاء الثنائي» بين الرئيسين عون وبري بحضور الرئيس الحريري مؤشر على أن الأطراف كافة باتوا على قناعة بوجوب:
– حصر الخلافات ومراجعاتها داخل المؤسسات المعنية…
– تفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، والسلطات القضائية…
– العمل من أجل طاولة حوار بشأن «الطائف» وما طبق وما لم يطبق منه…
– رفض تهميش دور رئاسة الجمهورية.
– تعزيز التضامن الوطني في مواجهة التحديات الإسرائيلية والعمل بكل جهد لحماية الثروات اللبنانية.
– اجراء الإنتخابات النيابية في ظل أجواء أمنية تكلف بها الأجهزة العسكرية والأمنية…