الإستراتيجيّة الدفاعيّة أبعدت”المردة” وأربكت”الوطني الحرّ” فاُرجئ النقاش…
بطلب من البطريرك الماروني بشارة الراعي، من ممثلي القيادات المسيحية في لقاء بكركي، الذي عقد يوم الخميس بعدم التصريح ونقل ما جرى الى وسائل الاعلام، صمت الحاضرون وإمتنعوا عن الكلام، إلا ببعض كلمات تقال وتتردّد دائماً كنقل الاجواء الايجابية، وإستمرار اللقاء ضمن اجتماعات مرتقبة، من دون ان يتطرقوا الى ما جرى، والصورة هذه تنقلت بين كل الحاضرين تقريباً، خلال اتصال اي صحافي بهم، وهكذا كان، اما المصادر الكنسية ففضلّت الصمت ايضاً بإستثناء بعض التمنيات من الحضور المسيحي، بضرورة وتوحيد كلمتهم امام ما يحصل في البلد من تشرذم وخلافات وانقسامات.
لكن ووفق المعطيات التي حصلت عليها “الديار” بطريقة غير مباشرة، فالوضع لم يكن ايجابياً الى أعلى الدرجات، فوثيقة بكركي التي وضعت كمسودة لبحثها والتوافق عليها، ما زالت بحاجة الى دراسة وتوافق من المرجعيات والاحزاب، كي يمكن وصفها بالصيغة الشاملة التي تحظى بطابع وطني ليس فقط مسيحي، كي يتم طرحها على الشركاء في الوطن، وهذا ما أشار اليه مصدر كنسي بارز قائلاً:” انها وثيقة لبنانية وليس فقط مسيحية، ويتابعها فريق عمل متخصّص في الدستور والقانون، وهي بعيدة عن أي إنحياز لأي فريق سِياسي”.
الى ذلك تركّز الوثيقة على بنود أساسية، تتعلق برئاسة الجمهورية والشراكة الوطنية والدور المسيحي والاستراتيجية الدفاعية، اي كل الملفات الحساسة التي تستدعي حواراً مطوّلاً، لكن بعض هذه القضايا سارعت الى توتير الاجواء خلال الاجتماع، وإن بطريقة خفية حاول المعترضون ضبطها، خصوصاً “التيار الوطني الحر” الذي فضّل عدم التطرّق الى موضوع الاستراتيجية الدفاعية في هذه الطروف الدقيقة، منعاً لحصول تناحرات جديدة، كما انّ الاستحقاق الرئاسي الذي لا يظهر أيضاً نهائية موقف “التيار”، لانه ما زال يتأرجح لغاية اليوم بسبب عدم ثباته وإعلان مرشحه النهائي، اذ ما زال رافضاً لوصول مرشح الثنائي الشيعي، اي رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، كذلك بالنسبة لمرشح المعارضة الذي يتغير كل فترة، ولا يُعرف حتى اليوم من هو المرشح الحقيقي المدعوم من قبلها.
في السياق افيد بأنّ مسألة الاستراتيجية الدفاعية، كانت السبب الاول في غياب ممثل “المردة” عن اللقاء، وفق ما أفادت مصادر مقرّبة كتلتهم، وذلك منعاً للإحراج، كما انّ طرح بند حصرية السلاح في أيدي الجيش، وبحث دور لبنان وصيغته والخطر على وجوده، وإعادة العلاقات اللبنانية مع الدول العربية، وعدم تحويله دولة دينية والتصدّي لكلّ محاولات تغيير وجهه، وأهمية صون الحضور الديموغرافي والجغرافي المسيحي، كل هذا ادى الى عدم تشجيع تيار”المردة” على حضور اللقاء، لانّ فرنجية كان وسيبقى مرشح الثنائي الشيعي الذي يتمسّك به ولن يدعم سواه.
في غضون ذلك ووفق المعلومات المسرّبة، فاللقاءات المرتقبة ستبحث ملف حياد لبنان، وعدم ربطه بأي ساحة مشتعلة، مع السعي لتطبيق القرارين 1701 و1559، الامر الذي أوجد اعتراضاً لدى “التيار الوطني الحر” خصوصاً بالنسبة للقرار الاخير، لانه يثير حساسية الثنائي الشيعي، فيما لقي قبولاً لدى الاطراف الاخرى، لكن كل شيء ما زال قيد البحث ضمن مسودة الوثيقة، وصولاً لوضعها ضمن خانة تطرح على كل الشركاء في الوطن مسيحيين ومسلمين، للخروج بثوابت وطنية جامعة، لان المخاطر ليست متواجدة فقط عند الطرف المسيحي، بل في الكيان اللبناني ومحاولة أخذه الى مكان آخر.
كما ستبحث الوثيقة بعد عيد الفصح الملف الرئاسي بكل محاوره وعناوينه، بدءاً بمحاولة وضع حد للفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن، وبأن يتم الانتخاب وفق الدستور وليس عن طريق التعليب وفرض موازين قوى، كما سيكون لملف النزوح السوري فسحة شاسعة للوصول الى حل، الى جانب قضايا مشتركة هامة من ضمنها مبدأ الشراكة الوطنية وإعادة تفعيلها وتطبيقها على ارض الواقع، ومحاولة إيجاد حلول للازمات المعيشية والاقتصادية، على قاعدة انّ الازمات تطال كل الطوائف وليس فئة او طائفة معينة، إضافة الى عدم زج لبنان في الحرب في ظروف خطرة غير قادر على تحمّل تداعياتها.