مع عودة دورة العمل الطبيعية إلى الحكومة، فإن الحديث حول الإنتخابات النيابية عاد بقوة ليحتلّ الأولوية لدى أطراف سياسية عدة بدأت منذ اليوم بالإعداد لخطّتها الإنتخابية، وعناوين حملاتها السياسية والإعلامية. وبالنسبة إلى مصادر سياسية مطّلعة، فإن التطرّق إلى الإستحقاق الإنتخابي في اللقاء الذي جمع بالأمس الرئيس سعد الحريري مع النائب سليمان فرنجية، ليس الحلقة الأولى في مسلسل البحث الإنتخابي في التحالفات التي يستعدّ لها تيار «المستقبل» في كل الدوائر الإنتخابية. وعلى الرغم من الإنشغال بالتداعيات السياسية لأزمة استقالة الرئيس الحريري، فإن المصادر السياسية وجدت أن قطار الإنتخابات النيابية قد انطلق بعد الإجماع الذي تحقّق أخيراً بين الرئاسات الثلاث على وجوب الذهاب إلى الإستحقاق النيابي على أساس القانون النسبي، وبعيداً عن أي اقتراحات تعديل لبنوده، وذلك بمعزل عن كل التوقّعات المسبقة وحسابات الربح والخسارة بالنسبة للقوى السياسية والحزبية البارزة.
وتقول المصادر السياسية نفسها، أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، يكرّر أمام زوّاره، وبشكل شبه يومي، تمسّكه بحصول الإنتخابات في موعدها في أيار المقبل ومن دون أي تأخير. وأوضحت أن هذا الموقف قد جرى إبلاغه إلى أكثر من موفد ديبلوماسي غربي وعربي زار بيروت مؤخراً، ذلك أن الإستحقاق هو الذي سيخلط الأوراق على الساحة الداخلية، ويرسم التوازنات السياسية في ساحة النجمة، انطلاقاً من البرلمان العتيد.
ولفتت المصادر السياسية ذاتها، إلى أن من أبرز شروط المجموعة الدولية الداعمة للبنان، كان إجراء الإنتخابات النيابية وعدم الذهاب نحو أي تأجيل جديد مهما كانت الظروف، مؤكدة أن بناء السلم الأهلي في لبنان لا يتم إلا من خلال احترام الدستور وتفعيل المؤسّسات وتعزيز مفهوم الدولة.
ومن الناحية العملية، فقد اعتبرت المصادر السياسية عينها، أن انفتاح رئيس الحكومة على التحالف مع قوى وأحزاب لم يسبق أن تعاون معها انتخابياً، قد أطلق مروحة من التحرّكات والخطط في أوساط كل المعنيين بالإستحقاق، في محاولة لجوجلة الترشيحات وغربلة المواقف المعلنة، والتي تخفي بين سطورها تلويحاً بالتصعيد خلال المرحلة المقبلة، وذلك تحت عنوان «الحملات الإنتخابية» بينما الهدف هو إعادة التموضع في تحالفات جديدة. ومن هنا، تؤكد المصادر السياسية، أن فريقي 8 و 14 آذار، أو ما بقي من 14 آذار بعد انضمام أكثر من جهة فيها إلى 8 آذار، سيخوضان معركة إنتخابية لا تشبه كل المعارك السابقة، حيث أن «فكفكة» جبهة 14 آذار، ستترك تداعيات قاسية في الشارع وفي أوساط الناخبين، والذي سيحدّدون وحدهم موازين القوى الحقيقية بعيداً عن كل القراءات المسبقة التي تصدر عن بعض الأطراف منذ اليوم.
وفي رأي المصادر السياسية المطّلعة نفسها، فإن كل المعطيات الخارجية، كما الداخلية، تشير إلى أن عودة لبنان إلى مساره الديمقراطي لن تتحقّق إلا بعد الإنتخابات النيابية، وذلك بغض النظر عن نتائجها، وعن الفريق الرابح فيها. وتوقّعت أن تنشط اعمال الماكينات الإنتخابية اعتباراً من مطلع العام الجديد، وذلك لوضع حدّ لأي تشكيك بإمكانية حصول الإستحقاق الإنتخابي النيابي، علماً ان الإستعدادات الميدانية في وزارة الداخلية قد انطلقت منذ أيام.