باتت العناوين الأساسية التي سيناقشها رؤساء الأحزاب السياسية الذين دعاهم رئيس الجمهورية ميشال عون الى طاولة حوار سياسية – اقتصادية في بعبدا يوم الاثنين، معروفةً بانتظار التوصّل الى توافق سياسي حولها يمكّنها من بلوغ مرحلة التطبيق دون أيّ مجابهات شعبية.
أعدّ رئيس الجمهورية ورقة إجراءات ملحّة إنقاذية للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية، بعد استدعائه قبل اسبوع خبراءَ إقتصاديين يمثلون أبرز الأحزاب السياسية قدّموا اقتراحاتهم وتمّت بلورتها ومناقشتها وصيغت على اساسها ورقة موحّدة سيتم طرحها خلال الاجتماع المرتقب.
ورغم أنّ الرؤساء الثلاثة على توافق تام حول دقّة وحساسية الوضع الاقتصادي والمالي، وعلى توافق تام حول ضرورة السير بالإجراءات الموجعة التي حاولوا تجنّبها سابقاً، إلّا أنّ قرار التنفيذ يجب أن يحظى بإجماع الأحزاب السياسية كافة، أو تسقط الإجراءات!
بعد الاجتماع الاقتصادي التشاوري الذي دعا اليه عون الاسبوع الماضي، كلاً من الخبراء الاقتصاديين: روي بدارو، شربل قرداحي، غازي وزني، عبد الحليم فضل الله ومازن سويد، في حضور وزيرَي الاقتصاد منصور بطيش وشؤون التكنولوجيا عادل أفيوني، ورئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، طرَح ممثلُ كلّ حزب ورقته للإجراءات المطلوبة، وتم التوصل بعد النقاش الى حلولٍ وسط تجمع بين مختلف الاقتراحات ومنها:
- تحديد سعر أدنى وأقصى لسعر صفيحة البنزين. فبعد أن رفض ممثل «حزب الله» عبد الحليم فضل الله زيادة ضريبة 5 آلاف ليرة على الوقود، توصّل المجتمعون الى حلٍّ وسطيّ يتمثل بوضع حدّ أدنى لسعر البنزين مهما بلغ انخفاض السعر العالمي، على أن يعود فارق الإيرادات الى الخزينة.
- رفع ضريبة الفوائد المصرفية الى 11 في المئة. وكان هناك اقتراح بفرض ضريبة تصاعدية على أصحاب رؤوس الأموال، إلّا أنه سقط.
- زيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15 في المئة على ما سيُحدَّد لاحقاً بـ«الكماليات».
- تجميد الرواتب والأجور في القطاع العام لمدة 3 سنوات.
- تعديل قانون المشتريات لضبطه بقانون عصريّ، بما يوفر حوالى 500 مليون دولار سنوياً.
- محاربة مافيات الفيول التي ترفع فاتورة الكهرباء من 1,3 مليار دولار الى 1,7 مليار دولار سنوياً، من خلال إطلاق مناقصات عالمية لاستيراد الفيول وليس حصرها بين دولة وأخرى.
- تقليص حجم القطاع العام الذي يحوي حوالى 400 ألف موظف.
- إعتماد نظام عصري للتقاعد في غضون عام في الحدّ الأقصى.
- إقفال المؤسسات العامة غير الفعّالة.
في هذا الإطار، إعتبر الخبير الاقتصادي روي بدارو «أنّ الوضع في لبنان بلغ اليوم المرحلة الأخيرة والرمق الأخير، ولا نملك خياراً سوى التوافق على الإجراءات المناسبة»، رغم أنه شكّك واستصعب التوصل الى توافق سياسي حول تلك الإجراءات خلال اجتماع بعبدا الاثنين.
وفيما أشار الى أنّ الأزمة الحالية جاءت نتيجة تراكمات المشاكل التي ولّدها النظام الاقتصادي المتّبع منذ العام 1993. وبالتالي، شدّد على أنّ المشكلة الأساسية اليوم هي العجز في ميزان المدفوعات التي تفرض ضرورة وقف النزيف الحاصل فيه.
وقال: نحن أمام معضلة اليوم. الاقتصاد اللبناني في حاجة الى النموّ وليس للتقشّف، لكنّ زيادة النموّ تؤدّي الى زيادة الاستهلاك وبالتالي الى مزيد من العجز في ميزان المدفوعات.
وأوضح بدارو أنّ وقف النزيف يكون عبر إرسال إشارات إيجابية موثوقة وقوية الى الأسواق المحلية والخارجية هي عبارة عن إجراءات لتحسين وضع المالية العامة ما قد يخفّض كلفة الاستدانة لاحقاً، ويضع لبنان من جديد على سكة نموّ بنسبة 7 في المئة.