IMLebanon

اجتماع في طهران!

كان يمكن لاجتماع وزراء الدفاع الروسي والإيراني والسوري المقرّر اليوم في طهران، أن يكون خبراً طبيعياً باعتبار أنّ الأطراف الثلاثة تقاتل جنباً إلى جنب في سوريا، لكن الأمر لا يبدو كذلك بل أبعد.. وأغرب.

الوزراء الثلاثة وضعوا عنواناً لاجتماعهم هو «مكافحة الإرهاب»، وذلك يستدعي الانتباه فوراً إلى أنّ توقيته يأتي بعد ساعات معدودة على انتهاء القمّة الإسرائيلية الروسية في موسكو، والإعلان المشترك خلالها وبعدها وعلى هامشها وفي متنها، أنّ الطرفين قررا زيادة التنسيق «التحالفي» بينهما لمواجهة الإرهاب من جهة ولتعميق أواصر العلاقات في عمومياتها وجزئياتها من جهة ثانية.

وإذا كان الإيراني والسوري يعتمدان نصّاً توليفياً واحداً إزاء مفهوم الإرهاب، ويضعان كل ارتكابات قواتهما وشبّيحتهما وميليشياتهما ضدّ السوريين تحت خانة مقاتلة تلك الآفة العبثية.. فإنّ المشارِك الثالث في الاجتماع، أي وزير الدفاع الروسي، يحمل في جعبته توصيفاً متوافقاً مع التوصيف الإسرائيلي القائل (مثلاً!) إنّ «حزب الله» هو تنظيم إرهابي وأنّ المشهد السوريالي القائم على الأرض السورية لا يغيّر من هذه الحقيقة شيئاً!

وفي ذلك، شكلاً ومضموناً، الكثير من الغرابة والعبث: إمّا أنّ إسرائيل كفّت عن مقاربتها الخاصة بـ»حزب الله» وذهبت إلى الفصل بين وجوده في سوريا ووجوده في لبنان! أي قبوله في سوريا ورفضه في لبنان! وإمّا أنّ المنطقة في جملتها تشهد تطوّراً دراماتيكياً كبيراً (وكبيراً جداً) في شأن قصّة «حلف الأقليات» الأثير! بحيث إنّ الإسلام الأكثري، صار همَّاً أكبر من باقي الهموم الأخرى! وإلى حدّ الوصول إلى عدم الشعور بأي حرج إزاء الواقعة القائلة بأنّ المحور الذي يقاتل مع الأسد صار يضم إسرائيل علناً وأنّ موسكو تمكنت أخيراً من بناء ذلك الجسر الواصل بين دول الممانعة و»الكيان الصهيوني الغاصب»! وتحت شعار فضفاض ورنّان هو «محاربة الإرهاب»!

والمفارقة في هذا المشهد، أنّ أبطاله وروّاده كفّوا عن اعتماد المواربة والتورية والإبهام في مواقفهم، مثلما كفّوا، في الأساس، عن بذل أي جهد لمحاولة إقناع الآخرين (في الغرب أساساً) بأنّهم ليسوا مصدر الإرهاب الحديث وإنّما ضحاياه! وفي ذلك ذروة من ذرى عبث هذا الزمان الأوبامي: الدول الأربع المعنية متّهمة بارتكاب أفظع الجرائم ضدّ الإنسانية في العصر الحديث وبتقديم كل الأسباب والموجبات والرعايات المطلوبة لتنمية وتغذية حالات العدم المفضية حُكماً إلى إنتاج الظواهر الأوبامية الأصلية والمقلّدة والفعلية والمفتعلة! ومع ذلك تدّعي العكس ولا تخجل!

مصطلح العربدة في هذا المقام يصحّ أكثر من العبث: ما فعله الروس في الشيشان لم يكن حرباً وإنّما استئصالاً وإبادة، وما يفعلونه في سوريا ليس سوى عيّنة عن ذلك الأداء! وما يردعهم عن الغلو اليوم هو الضوء الذي كان غائباً بالأمس عن عقم أفعالهم في الشيشان! وما فعلته إسرائيل بالفلسطينيين لا يستحق توصيفاً أقل من جريمة ضدّ البشرية، وما تفعله إيران في سوريا ضدّ عموم الشعب السوري لا يستحق توصيفاً أقل من اعتماد الاستئصال والتطهير العرقي بكل مترتباته من أجل أهداف وغايات سياسية.. وما يفعله بشار الأسد ليس سوى حاصل جمع «التجارب» الثلاث السابقة مع إضافة جرعات استثنائية مستعارة من الوحوش والضواري الكاسرة!

.. اجتماع روسي إيراني سوري في طهران لـ»مكافحة الإرهاب»! وأي نكتة سوداء في هذا الزمن الأوبامي؟!