عقد لقاء سيدة الجبل خلوته الحادية عشرة في الدير الذي مُنع من دخوله لأربع سنوات. لم يأت البيان الختامي بأي جديد. الأهم في اللقاء كان «بركة» البطريرك بشارة الراعي الذي أنهى مقاطعته لهذا الفريق
لم يسقط «الحرم المستور» الذي أصدره الكاردينال بشارة الراعي بحق النائبين السابقين سمير فرنجية وفارس سعيد وما يمثلان لأنهما تلوا فعل «الغفران». ما حصل أن الراعي هو الذي بادر واتصل بالرجلين بعد أن قرر إعادة تفعيل علاقاته بمختلف القوى السياسية. التغيير الذي تشهده بكركي تمثل أمس بأن عاد لقاء سيدة الجبل في مؤتمره الحادي عشر إلى موقعه الأساسي. فقد استجابت راهبات الدير وفتحن أبوابه لسعيد ورفاقه. الأهم، بالنسبة إلى «الدكتور»، أن يُكلف الراعي المطران يوسف بشارة تمثيله، والأخير واكب انطلاق لقاء قرنة شهوان، ويوصف بـ«رجل المهمات الصعبة».
هي الوجوه نفسها تنتقل من مقر الأمانة العامة في الأشرفية إلى فتقا، مروراً بالبيال. حتى البيانات تعيد تكرار «النغمات» عينها مع بعض التنقيح، إلى حدّ أن الأمر التبس على الوكالة الوطنية للإعلام التي نشرت مقررات خلوة العام الماضي. رغم ذلك، يُصر سعيد على أن «هذه الخلوة أعادت وضع الأمور في نصابها الصحيح». أما فرنجية، فرأى أنه «أياً يكن مدى هذا اللقاء، فهو يبقى أفضل من الكلام الفارغ في من سيكون رئيساً للجمهورية».
عند التاسعة صباحاً بدأ المدعوون بالتوافد إلى فتقا. حضر ممثلون عن الأحزاب الآذارية، من بينهم النائب السابق غطاس خوري الذي اختلف مع سعيد سابقاً بسبب مؤتمر الدفاع عن المسيحيين في الشرق الأوسط، وقال له: «صح النوم دكتور». لقي خوري ترحيباً خاصاً، على العكس من حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار وممثلة الائتلاف الوطني السوري في لبنان عليا منصور، الذين «تذكر» سعيد لاحقاً الترحيب بهم، فعلق أحد الموجودين: «القوات اللبنانية أجهضت ولادة المجلس الوطني وحاربته، لكنه لا ينساها على العكس من الأحرار الذي حضر بوفد كبير». قبل البدء بدقائق، توجه سعيد ناحية فرنجية ليسأل عن كيفية توزيع الكلمات ويُبلغه أن المطران طلب أن يلقي الدكتور إيلي رزق الله كلمة اقتصادية. «سأتكلم في النهاية»، قال فرنجية.
افتتح الكلمات المطران بشارة الذي نقل تحيات الراعي وتمنياته بنجاح اللقاء. لم يكتم أحد رواد الأمانة العامة دهشته: «أوف، يتمنى لنا النجاح أيضاً؟». تحدث بشارة عن «العيش المشترك الذي هو نمط حياة». أما الهدف، فهو «الفصل بين الدين والدولة (…) والانسجام بين استقلال لبنان ونهائية كيانه وبين انتمائه العربي وانفتاحه على العالم». بعد ذلك تتابعت الكلمات، فتحدث كل من: سعيد، رزق الله، الكاتب أحمد الغز وفرنجية الذي تقاطعت كلمته مع البيان الختامي وكأنه هو كاتبه.
طلب سعيد من الإعلام مغادرة القاعة لبدء الخلوة، إلا أن أوائل الخارجين كانوا المدعوين الذين أجمعوا على «رتابة اللقاءات، خاصة في هذا الظرف الذي تمر به المنطقة». عضو الأمانة العامة نوفل ضو، كان «قائد فرقة المشاغبين»، فلم يملّ من تكرار انتقاده لرفع صور اللواء عباس إبراهيم على طريق كسروان «إجا افتتح غرفة بمخفر غزير فعلّقوا صوره». انتقاداته طاولت أيضاً العميد شامل روكز: «ما هي الإنجازات التي قام بها؟ تهريب شاكر العبسي وأحمد الأسير؟».
أما النقاش في الداخل، فقد استُكمل حول ضرورة التعاون بين المسلمين والمسيحيين. سألت عليا منصور: «لماذا لا ينظم البطريرك مؤتمر الاعتدال ويدعو الائتلاف إلى المشاركة؟». أما رئيس منظمة الطلاب في «الوطنيين الأحرار» سيمون ضرغام، فانتقد الراعي ودور بكركي الذي تقلص من وطني إلى الانشغال بأمور مثل كازينو لبنان والحوض الرابع في مرفأ بيروت ودواخين معمل ذوق مكايل.
عند الواحدة، تُرك سعيد وحيداً في القاعة يتلو المقررات الختامية: انتخاب الرئيس مسؤولية وطنية، إعادة الاعتبار إلى اتفاق الطائف، تنقية الذاكرة، دعم جهود الكنيسة لدفع النواب إلى تحمل مسؤولياتهم، دعوة الكنيسة إلى التواصل مع جميع القيادات الروحية في لبنان والعالم العربي، تشكيل هيئة تتولى التواصل مع المسيحيين العرب، مراجعة مسيحية لاستكشاف أسباب تراجع المبادرة المسيحية.
لا يبدو أن سعيد سيأخذ بنصيحة صديقه النائب السابق منصور البون الذي يقول له دائماً: «البيان أهم من الصورة. حرام كيف تقلص حجمكم من قرنة شهوان إلى هكذا لقاءات».