تعرّض «اللقاء الوطني» الذي انعقد في معراب من أجل تطبيق القرار 1701 لهجوم على محورين، المحور الأول شارك فيه «حزب الله» وحلفاؤه ومن ضمنهم «التيار الوطني الحر»، والمحور الثاني شارك فيه بعض معارضين وسياديين وحريصين على لبنان والدولة.
الهجوم الذي شنّه محور الممانعة والمصالح يطرح أكثر من علامة استفهام لجهة ما إذا كان هذا المحور بالفعل يريد دولة في لبنان، لأنه أطلق اتهامات التخوين والعمالة لمجرد أن طالب هذا اللقاء بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني الذي هو محط ثقة اللبنانيين جميعاً، وأن تطبق الحكومة القرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701 كوسيلة للجم أي عدوان إسرائيلي على الجنوب، وتعزيز الرقابة على الحدود مع سوريا وضبط المعابر الشرعية وإقفال المعابر غير الشرعية، وتنفيذ خطة عاجلة لإعادة النازحين السوريين.
لا أعتقد أنّ لبنانياً عاقلاً ويريد الخير لبلده وناسه يرفض هكذا مطالب، إلا إذا كان فعلاً يريد أن يبقي لبنان ساحةً للصراعات تتحكم بمصيره ومصير أبنائه سياسات تتبنى مشاريع خارجية قائمة على الحروب والتدمير الممنهج لكل مقومات البلد والدولة ما يدفع شرائح كبيرة من اللبنانيين إلى الفرار من هذا الجحيم الذي لا نهاية له.
إن القول بعكس ما قاله بيان لقاء معراب هو الخراب بعينه، فهل يجب ألا يكون الجيش اللبناني القوة الوحيدة المسلحة في لبنان؟ وهل يراد استمرار العراضات العسكرية واستباحة أمن الناس؟ وهل يراد للحدود مع سوريا أن تبقى مشرعة على كل ما هو مخالف للقانون؟ وهل عدم تنفيذ القرارات الدولية هو الوسيلة لاستعادة ثقة المجتمعين الدولي والعربي؟ وهل يراد لكل الفئات اللبنانية أن تحمل السلاح تحت عناوين مختلفة؟
من حق اللبنانيين أن يعيشوا في وطنٍ مستقرٍ وآمن وأن يخططوا فيه لمستقبل أبنائهم، ومن حق الجنوبيين أن يتوقفوا عن دفع أثمانٍ مجانيةٍ لقضايا لم تأت عليهم سوى بالدمار والخراب، ومن حق لبنان أن يكون بالفعل دولةً تشبه دولاً تقدمت وتطورت وتتنافس مع دول العالم في رخاء ورفاهية الإنسان وليس فقط في تصنيع وتطوير أدوات وأفكار الموت والقتل.
إن المؤسف في لبنان هو أنّ بعض السياديين والمعارضين وبعض المجتمع المدني يساند من دون أن يدري وربما يدري التوجه الذي يعتمد البلد ساحةً ورهينةً، فيشعل هؤلاء معارك شكلية لأسبابٍ شخصيةٍ أو لحقدٍ أو لحسدٍ متناسين كل العناوين الوطنية الكبرى التي يطرحونها، فينسون المواجهة حيث يجب أن تكون ويذهبون إلى مواجهةٍ جانبيةٍ لا طائل منها ولا استفادة منها سوى أنها توفر على من يريد القضاء على ما تبقى من البلد وميزاته الجهد والوقت وتجعله متفرجاً على عملية التدمير الذاتي التي يحاول بعض المعارضة الإستمرار في انتهاجها.