IMLebanon

لقاء نصرالله وعون يستفزّ «الخصوم»: مُبالغاتٌ وتضخيم؟! 14 آذار: حزب الله يُريد غطاء مسيحياً لمعركة القلمون

في حين تتّجه الأنظار نحو لاهاي بانتظار الشهادة المرتقبة لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي قد تتضمّن «مفاجآت» كما يوحي البعض، بقي لقاء الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في صدارة الاهتمامات الداخلية في عطلة نهاية الأسبوع، خصوصًا أنّ المعطيات أشارت إلى أنّ هذا اللقاء الاستثنائي رسم «خارطة طريق» للمرحلة المقبلة، وأنّ نتائجه «الإيجابية» ستظهر تباعًا خلال الأيام القليلة المقبلة.

وإذا كانت أوساط قوى الثامن من آذار حرصت منذ لحظة حصول اللقاء على وصفه بـ «الممتاز»، والتأكيد على أنه أفضى إلى تفاهمٍ تام على «الشراكة في المسار والمصير» في كلّ الاستحقاقات الداهمة، ولا سيما منها الاستحقاق الرئاسي ومعركة التعيينات الأمنية المرتقبة، فإنّ تشديد هذه الأوساط على أنّه قطع الطريق على الكلام السائد عن «افتراق» بين الجانبين مهّد له «الجنرال» بكلامه العالي النبرة الأخير الذي أطلق فيه معادلة «من يتركني أتركه» لم يجد الصدى المطلوب لدى «خصوم» الرجلين في قوى الرابع عشر من آذار.

توضح مصادر هذه القوى أنّ اللقاء بحدّ ذاته لم يستفزّها، بقدر ما استفزّتها المبالغات التي اعتُمِدت لتضخيم أهمية اللقاء، وذهاب بعض المزايدين لحدّ توصيفه بأنه استثنائي وغير مسبوق، وأنّ مصير البلاد والعباد مرهونٌ به. «المفترض أنّ العماد عون والسيد نصرالله هما حليفان استراتيجيان كما يكرّران بشكلٍ دائمٍ»، تقول المصادر، مشيرة إلى أنّ هذا «الافتراض» يقود رأسًا إلى خلاصة مفادها أنّ اللقاء بينهما يجب أن يكون عاديًا ودوريًا للتشاور وتنسيق المواقف شأنه شأن أيّ لقاء بين حليفين في أيّ منطقةٍ من العالم. «تحويل اللقاء بحدّ ذاته إلى الحدث ونسج الكثير من السيناريوهات حول أسبابه وخلفياته يوحي كأنّ الرجلين خصمان تاريخيان وأنّ أحدًا لم يكن يتوقع أن يلتقيا في يومٍ من الأيام»، تتابع المصادر ساخرة، متسائلة عمّا سيكون موقف الفريق الآخر في حال اعتمدت قوى «14 آذار» الاستراتيجية نفسها لتوصيف لقاءٍ يجمع على سبيل المثال بين رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أو بين الحريري ورئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل أو حتى بين جعجع والجميل، علمًا أنّ أحدًا لم يصوّر حلف «الكتائب» و«القوات» بـ «المتانة» التي يصوَّر بها حلف «التيار» و«القوات».

عمومًا، وبعيدًا عن الشكل، لا ترى مصادر «14 آذار» في توقيت اللقاء ما هو استثنائي. هي لا ترى فيه «إنجازًا» كما سوّق قياديو الثامن من آذار، بقدر ما تعتبره «محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه» بعدما وصلت «الخلافات» داخل فريق الثامن من آذار إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، وخرجت إلى العلن بشكل «فاقع» من خلال خطاب العماد عون الذي كان موجّهًا للحلفاء بالدرجة الأولى، والذي اعتمد فيه عباراتٍ من الطراز الثقيل من وحي «طفح الكيل» و«بلغ السيل الزبى» و«من يتركني أتركه» إلى ما سواها من تعابير لم تنزل لا بردا ولا سلاما على حلفاء «الجنرال»، ولا سيما منهم «حزب الله»، الذي سارع لتحديد موعدٍ للقاء بين عون ونصرالله، تزامنًا مع تسريبه معطياتٍ حول «متانة» التحالف.

من هنا، ترى مصادر «14 آذار» أنّ اللقاء كان مرسومًا لتمرير المرحلة بالتي هي أحسن، ففكّ التحالف في الوقت الحاضر ليس واردًا أبدًا في قاموس «حزب الله» ولا حتى في مصلحة «التيّار»، لأنّ حاجة كلّ منهما للآخر لم تنتفِ بعد. ولكنّها تشدّد، مع ذلك، على أنّ «التباين» بين الجانبين مستمرّ في قراءة مختلف الاستحقاقات، وأنّ ما حصل عليه العماد ميشال عون من «وعود جازمة» لم يتعدّ الملف الرئاسي، حيث أكد له السيد نصرالله أنه ككلّ قوى «8 آذار» إلى جانب «الجنرال» حتى النهاية، علمًا أنّ هذه المصادر لا تتوانى عن القول أنّ هذا الوعد منبثق من رغبة «الحزب» في الإبقاء على الفراغ الرئاسي في هذه المرحلة، نتيجة تعليماتٍ خارجية بذلك. وتعتبر، في المقابل، أنّ «الوعد» الذي تلقاه في موضوع الاستحقاق الرئاسي «ضبابي»، بحيث لم يتعدّ «الشعارات العامة»، خصوصا أنّ المعطيات تشير إلى أنّ السيد نصرالله أكد للعماد عون أنّ الفراغ في الأجهزة الأمنيـة غير مسـمـوح، وهذا الموقف، وإن تـلاقى معـه عـون، إلا أنـه قد يكون بمثابة «رسالة» يعني فيها أنّه إذا خُيّر بين التمديد والفراغ، فسيختار التمديد في نهايـة المطاف.

وبعكس ما ذُكِر في الإعلام عن أنّ الاستحقاقات الداخلية شكّلت صلب الاهتمام في هذا اللقاء، على خلفية مواقف «الجنرال» الأخيرة، ترى مصادر «14 آذار» أنّ معركة القلمون التي يكثر الحديث عنها في أوساط «حزب الله» هذه الأيام كانت هي «بيت القصيد» عمليًا، أقلّه من ناحية الحزب. وتستند المصادر إلى البيان المقتضب الذي صدر عن العلاقات الإعلامية في الحزب حول اللقاء، والذي حرص على تضمين تفصيل يتيم حول اللقاء يتعلق بمكافحة خطر الإرهاب التكفيري وتهديده، لتقول أنّ ما أراده الحزب عمليًا من هذا اللقاء هو الحصول على «غطاءٍ مسيحي» مُسبَق لمعركة القلمون المرتقبة، والتي يراهن الحزب ويبني عليها الكثير، في مقابل إعطاء «الجنرال» ما تصفها المصادر بـ «المسكّنات» لتهدئته والتخفيف من تشنّجه في الفترة المقبلة، وتأجيل الاستحقاقات الداهمة لما بعد معركة القلمون.

هكذا إذاً، تعدّدت وتنوّعت القراءات للقاء بين السيد نصرالله والعماد عون، بين من قرأ فيه إنجازاً سيبنى عليه الكثير في المرحلة المقبلة، ومن قرأ فيه مجرّد تواصلٍ طبيعي لن يقدّم أو يؤخّر الكثير. ولكنّ الأكيد أنّ اللقاء بين السيد نصرالله والعماد عون، الذي شغل البلاد والعباد، لأكثر من ثلاثة أيام لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، بدليل أنّ مجرّد حصوله أثار كلّ هذه الزوبعة، فكيف الحال بنتائجه التي يؤكد المعنيون أنّها لن تتأخر قبل الظهور عمليًا!