IMLebanon

لقاء الراعي ــ هولاند «الواقف» حرّك بكركي مُوفد للبطريرك مُرشح للرئاسة زار القيادات المارونيّة الأربع

لا يحتاج المرء الى الكثير من الحنكة السياسية لاكتشاف ان الافرقاء اللبنانيين ينتظرون حسم الملفات الاقليمية والدولية، التي سينتج منها بالتأكيد وصفة ناجعة للملف الرئاسي اللبناني سيتجرعها الجميع سواء عن طيب خاطر او بامتعاض لن يؤخر عندما يكون ما كتب قد كتب. هكذا يستقبل مرجع دبلوماسي كبير كل مراجعيه حول الملف اللبناني، بعدما تبين ان كل الرهانات التي عقدت على بلوغ اللبنانيين سن الرشد السياسي قد سقطت مع اخفاق كل الجهود والمبادرات اكانت داخلية ام خارجية في الوصول الى نتيجة.

انطلاقا من ذلك ترى مصادر دبلوماسية عربية ان اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما والعاهلَ السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأربعاء المقبل في البيت الأبيض، عشية القمة الموسعة مع زعماء مجلس التعاون الخليجي في كمب ديفيد، سيتطرق إلى مروحة واسعة من القضايا الإقليمية والثنائية، وصلت بالبعض الى حد الجزم بان اللقاء سيضع تصورا ورؤية شاملة للوضع في الشرق الاوسط، في وقت تزدحم أجندة الرجلين بالملفات الساخنة ومنها الازمة اليمنية والوضع في سوريا والعراق والاتفاق النووي بين ايران ودول 5+1، كما الملف اللبناني الذي يتوقع ان يستأثر بتعقيداته بحيز من المناقشات،على خلفية الاتصالات الفرنسية ـ الخليجية والتي توجت بمشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في قمة مجلس التعاون الاخيرة، حيث أبدى هولاند حرصا على احتضان الوضع اللبناني، وتحصينه في وجه الارهاب وتداعيات ما يجري في محيطه، الامر الذي لاقى ترحيبا خليجيا، متوقعة ان تشكل قمة واشنطن مدخلا لتحرك فرنسي – أميركي – خليجي لانقاذ الواقع اللبناني عبر المساهمة اولا في انتخاب رئيس للجمهورية والتشديد على ضرورة صون استقراره، من دون ان تسقط من حساباتها امكانية اصطدام هذه المساعي برفض ايراني لتغيير المشهد اللبناني حاليا.

اوساط سياسية مطلعة اعادت التأخير في ملء الشغور الرئاسي الى انتظار الافرقاء الاساسيين في التوازن الداخلي اي الطرفين الشيعي والسني، الذين تختلف اجنداتهم وفق الانتماءات الطائفية وتضاربها في بعض الاحيان الى درجة الاختلاف، تبلور المشهد الاقليمي لاختيار رئيس على قدر اهمية المرحلة واتجاه رياحها، انطلاقا من الاتفاق النووي الايراني، على اهمية النتائج التي ستترتب عليه ليس على مستوى لبنان فحسب انما على دول منطقة الشرق الاوسط برمتها، متلطين خلف الستار المسيحي، التائه بين البحث عن رئيس مسيحي قوي، تارة، وغياب النصاب، طورا.

فالثنائية الشيعية تضيف المصادر، تضع في قائمة اولوياتها الحرب في سوريا وضرورة مساندة نظام الرئيس بشار الاسد ومنع انهياره واستمرار محور المقاومة والممانعة في منطقة الشرق الاوسط ومواجهة التنظيمات الاسلامية المتطرفة والتكفيرية والارهابية، معتبرة مشاركة حزب الله في حروب المنطقة من سوريا الى العراق واليمن وحيثما تدعو الحاجة الإقليمية، واجبا وطنيا وقوميا، مع الحرص على الحد الادنى من استقرار الداخل اللبناني المؤمن حتى الساعة بمظلة دولية وحوار الضرورة مع «المستقبل»، اما ما تبقى من ملفات فتتعاطى معها تحت سقف تسيير الامور بـ«التي هي احسن» عبر حكومة الرئيس تمام سلام.

والى الجهة المقابلة تقف القيادة السنية، تقول المصادر التي تحرص على دعم المعارضة في سوريا لتسلم السلطة واسقاط النظام، وهو ما تعتبره اولوية لتسهيل شؤون لبنان التي ما زال البعض يرهنها بالنظام السوري، لا سيما الملف الرئاسي، ساعية ضمنا الى نزع سلاح المقاومة من ضمن استراتيجية حصرية السلاح بيد الشرعية مبدية حرصها على اتفاق الطائف الذي ثبت مبدأ المناصفة لا سيما بعدما ظهرت مطالبات ضمنية بتكريس المثالثة.

وحدها القيادات المسيحية تعيش هاجس الفراغ في بعبدا على حدّ قول المصادر، حيث يتصدر اهتماماتها الملف الرئاسي، وان كان لكل منها حساباتها ورؤيتها المختلفة الى حدود التناقض والتضارب، حيث تحاول بكركي وسيدها السائح بين دول القرار، طلب العون والمساعدة لتأمين الاستقرار السياسي للبنان خشية ان يهتز الامني، اذا ما طال الفراغ.

ورغم ان موضوع الانتخابات الرئاسية يبدو مهملا عمليا، في ظل غياب واضح لاي تحرك داخلي جدي او مسعى دبلوماسي حقيقي، اذ يقتصر الامر على تصريحات «تذكيرية» من هنا وهناك، معظمها للبطريرك الراعي، الذي ينقل عنه زواره قلقا متزايدا مما قد تؤول اليه الاوضاع عامة وملف الرئاسة خصوصا. قلق عززته رحلته الباريسية التي تركت لديه انطباعات سلبية، بحسب مرجع كنسي مقرب من الصرح، الذي كشف ان لقاء الاليزيه الذي بقي خلاله الرئيس الفرنسي واقفا طوال الوقت مستمعا الى البطريرك الراعي الشاكي للسياسة الغربية والاميركية تجاه مسيحيي الشرق، انتهى الى سؤال فرنسي واضح «ماذا فعلتم كمسيحيين لانفسكم قبل ان تطالبوا الغير بدعمكم، لقد قضيتم وقتكم في التقاتل والتناحر مراكمين الخسارات الواحدة تلو الاخرى، وماذا انتم فاعلونه اليوم، وسط تقاتلكم وغياب اتفاقكم على رئيس»؟ سؤال طرح اكثر من علامة استفهام وتعجب امام الزائر الذي غادر مقتنعا بان لا حول ولا قوة بعد اليوم.

غير ان بكركي التي لم تيأس يضيف المرجع الكنسي من بذل الجهود لانجاز الانتخابات وملء الفراغ عشية مرور عام على حلوله ضيفا ثقيلا على قصر بعبدا، اطلقت مسعى جديدا، يطبخ حاليا على نار هادئة بين دوائر الصرح والزعماء الموارنة الاربعة، الذين زارتهم احدى الشخصيات المطروحة كمرشح تسوية للرئاسة، موفدة من الكاردينال الراعي، لاطلاعهم على معطيات البطريرك في ضوء المحادثات التي أجراها مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أخيرا في باريس، علما ان الاخير تربطه علاقات جيدة بكل الاطراف المسيحية، وكان له دور حزبي ووزاري فاعل بعيد دخول اصلاحات الطائف حيز التنفيذ عام 1990.

استنادا الى هذا المشهد والتضارب في الاجندات، تعتبر الاوساط ان لا حل لازمة الرئاسة في لبنان في المدى المنظور، وان ابواب الحلول ستبقى موصدة الى حين توافر الاتفاق الداخلي الذي نصحت كل دوائر القرار اللبنانيين بوجوب توفيره لانتخاب رئيس وعدم التعويل على الخارج لانجاز المهمة وهذه النصيحة سمعها كل من زار هذه الدوائر من المسؤولين اللبنانيين.